بعث المرجع الديني آية الله العظمى جوادي آملي برسالة مرئية إلى مؤتمر “رسالات الله” القرآني الدولي الأول في طهران، أكد خلالها بأن القرآن الكريم يهدف إلى سيادة الحق والعلم والعقل في المجتمع.
وأقيم مؤتمر “رسالات الله” القرآني الدولي الأول، أمس السبت 6 يناير/ كانون الثاني الجاري في كلية الشريعة بجامعة طهران وسط حضور نخبة من العلماء والباحثين في الشؤون القرآنية من إیران والعالم الاسلامی.
وحضر حفل افتتاح هذا المؤتمر كل من رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إیران “حجة الإسلام والمسلمين محمد مهدي إيماني بور”، ونائب وزير الثقافة الايراني في شؤون القرآن الكريم والعترة الطاهرة “علي رضا معاف”، وأمين المؤتمر “حجة الإسلام والمسلمين السيد مصطفى حسيني النيشابوري”.
وافتتح المؤتمر بتلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت القارئ الإيراني الشهير “كريم منصوري” ثم تم بثّ الرسالة المرئية الموجهة من المرجع الشيعي الكبير في قم المقدسة آية الله العظمى جوادي آملي سنعرضها فيما يلي:
“إن القرآن الكريم قد دعا البشر إلى حياة جديدة. في الفصل الأول قال الله تعالى إن القرآن ليس له تاريخ ولا جغرافيا وليس له زمان ولا مكان لأنه مُنزل من الملكوت الأعلى الذي يعلو الزمان والمكان.
إن القرآن لم يُصنع ولم يُنسج في مدرسة بشرية بل نزل من عند الله تعالى حيث لا وجود زمان ولا مكان ولا توجد المادة بل نزل من عند الله تعالى على قلب نبيّه (ص) والنزول أيضاً لم يكن نزولاً مادياً كما ينزل المطر والثلج بل كان “تنزيلاً” وهو عمل إلهي على هيئة التجلّي وليس التجافي.
ففي نزول الثلج والمطر بطريقة التجافي عندما يكون الثلج والمطر في الأعلى فهي ليست في الأسفل وعندما تكون في الأسفل فهي ليست في الأعلى وهذا النزول (المُحدّد) بالزمان والمكان يُطلق عليه التجافي بمعنى إحداث فراغ بينما عندما تنزل حقيقة من الأعلى إلى الأسفل فإن مكانها لا يفرغ. فعندما هي في الأعلى تتنزّل بمراتب أضعف إلى الوسط ثم إلى الأسفل وتظهر في الوقت نفسه في الأسفل.
وليست لصالح البشر فحسب بل مسخّرة للبشر بمعنى أن البشر يستطيع الهيمنة على النظام السماوي والنظام الذي هو بين الأرض والسماء وأن يُهيمن على الأرض والسماء وما بينهما. وبالتالي فإن الإنسان هو الشيء الذي خُلق السماء والأرض لأجله أولاً وإن نظام الكون مُسخّر له ثانياً.
ومن هو الإنسان وما هو ليستطيع الهيمنة على الكون بأكمله والتمتع بالكون علماً وعملاً. الإنسان الذي لديه حياة حيوانية وهو منشغل بالشهوة والغضب وأمثال ذلك. يقوم أحياناً بقتل الأطفال في غزة وفي حين آخر يقوم بقتل الكبار في مكان آخر. هذا ليس إنساناً فحسب بل هو جزء من بُعده الحيواني وبُعده النباتي الآخر. فهو لديه حياة نباتية ممزوجة بالحياة الحيوانية فيقتل البشر هكذا.
إن أراد أحد التمتع بنظام الكون علمياً وعملياً وأن يكون الكون مائدته العلمية وأن يدع نفسه لها فيجب أن تكون له حياة جديدة. أن يتجاوز الحياة الحيوانية والنباتية وأن يبلغ الحياة الإنسانية فإن للإنسان حياة إلهية(ملكوتية).
وقال الله تعالى في القرآن الكريم “یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاکُمْ لِمَا یُحْیِیکُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَحُولُ بَیْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ” لله وللرسول (ص) كلام واحد وليس للرسول (ص) قول إلا من عند الله؛ إذا أن الله ورسوله يُذكرون معاً بينما الدعوة النبوية ليست سوى الرسالة الإلهية. إذا الدعوة النبوية يعني الدعوة الإلهية وهذا ما يُحيي البشر؛ أي أن تتم ملائمة حياته النباتية والحيوانية حتى يبلغ الحياة السماوية وليصبح إنساناً وكي لا ينحرف ولا يقف بطريق أحد. إذا إن القرآن نزل ليجعل المجتمع يهدف إلى الحق والعلم والعقل من خلال التأثير على الدوافع الفكرية.
