Search
Close this search box.

ضَرُورَاتُ الأَحْوالِ تُذِلُّ رِقَابَ الرِّجَالِ

ضَرُورَاتُ الأَحْوالِ تُذِلُّ رِقَابَ الرِّجَالِ

لا تمضي الحياة على وتيرة واحدة، ولا تكون على منوال واحد، فالتقلّب والتغيُّر من أهم قوانينها حیث رُوِيَ عن الإمام علِيٍ (ع) أنه قال: “ضَرُورَاتُ الأَحْوالِ تُذِلُّ رِقَابَ الرِّجَالِ”.

ورُوِيَ عن الإمام علِي(ع) أنه قال: “ضَرُورَاتُ الأَحْوالِ تُذِلُّ رِقَابَ الرِّجَالِ”.

لا تمضي الحياة على وتيرة واحدة، ولا تكون على منوال واحد، فالتقلّب والتغيُّر من أهم قوانينها.

إنها في تغير دائم وتقلب دائم، لا تثبت على حال أبداً، فكما أن الليل والنهار يتعاقبان هذا يعقب ذاك وذاك ينسلخ من هذا، وكما أن الفصول الأربعة لم تزل ولا تزال مُذْ خلق الله الأرض، كذلك الانسان لا شيء معه يدوم، تتغيَّر أيامه وتتبدّل أحواله، تراه مسروراً تارة وحزيناً تارة أخرى، تراه فقيراً تارة وغنياً تارة أخرى، يتوارد عليه التعب والراحة، والضعف والقوة، والصحة والمرض، والسعادة والشقاء.

تلك هي طبيعة الحياة، وعلى المرء أن يعرف هذا وان يتعامل معها بهذا الوعي كي لا تفاجئه أحداثها ولا يصدمه تغير أحوالها من جهة، ولا يرغب بالمستحيل من جهة أخرى فيرتد عليه يأساً وكَمَداً، ويقتل طاقاته وقدراته، ويجعله شخصاً لا يُتقِن إلا اليأس.

وأقصد بالرغبة بالمستحيل أن يرغب بحياة صافية من التَّعب والنَّصَب وتغيُّر الأحوال فذلك لا يكون في الدنيا، فمن أيقن بذلك وتعامل مع الحياة بهذا الوعي واستعدًّ لكل تغَيُّر يمكن أن يطرأ على حياته مَرَّت عليه التغيرات بأقل الخسائر وقد لا يكون معها خَسارة، بل قد يجعل منها فرصة ليُنجِز ما عجز عن إنجازه قبل تغير الحال.

في جوهرته الكريمة يتحدث الإمام (ع) عَمّا يفعله تغيُّر الأحوال بالناس، فإن فيها من القسوة ما فيها، لا تراعي مقامات الناس وظروفهم، هي أشبه بالزلزال الذي يضرب لا يستثني بِناءً، يُدَمِّر كل ما يَقْدِر عليه إلا بِناء بَناه صاحبه مُقاوماً للزلازل.

أحوال الدنيا عندما تتغير تعصف بالناس عصفاُ، تقلِبَ واقعهم رأساً على عقب، ترفع من كان مُتَّضِعاً، وتضَعُ مَن كان مُرتفعاً، تُعِزُّ بعضهم وتُذِلُّ بعضهم الآخر.

هذا الانقلاب نشهده كثيراً، أشخاص كان الفقراء يُمَنُّون أنفسهم  بأن يردوا تَحِيًّتَهم ورَدُّ التحية واجب، كانوا يترفَّعون حتى عن ذلك، وتنقضي الأيام وإذا بالأحوال تتبدَّل فتوقف هؤلاء على أبواب أولئك يطلبون منهم إعانة أو خدمة، وقد يبدون استعدادهم لفعل ما كانوا يأنفون من فعله، أو يعتقدون أنه يحط من مكانتهم الاجتماعية، لكنها ضرورات الأحوال التي لا تقاوَم أبداً.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل