يوصي القرآن الكريم أحياناً بالتمتع بنعم الله تعالى ويوصي أحياناً باجتناب حبّ الدنيا وقد يتساءل البعض أي دنيا نهى عنها القرآن الكريم؟
يؤكد القرآن الكريم بأن الله تعالى خلق النعم ليتمتع بها البشر فقال في الآية 32 من سورة الأعراف المباركة “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زینَةَ اللَّهِ الَّتی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِی لِلَّذینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا خالِصَةً یوْمَ الْقِیامَةِ کذلِک نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یعْلَمُونَ”.
من جانب آخر تمنع الآيات القرآنية وتعاليم الدين الإسلامي من حبّ الدنيا وهنا سؤال يطرح نفسه بأن أي دنيا منع منها القرآن الكريم؟
وفي الردّ على هذا السؤال، تم تصنيف الدنيا من منظور القرآن الكريم إلى ثلاثة أنواع:
الأول: الآيات القرآنية التي تذمّ الدنيا وتصفها بـ “لهو ولعب” و”متاع قليل” و”التكاثر والتفاخر”. وفي هذا السياق، قال الله تعالى “إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ”(محمد / 36)، و“وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا”(النساء / 77).
الثاني: آيات تصف الدنيا وما فيها بـ “الخير” فوصف القرآن الكريم ما يترك الإنسان وراءه بـ الخير في قوله تعالى “إِنْ تَرَكَ خَيْرًا” (البقرة / 180)، كما وصف القرآن الدنيا بـ”الحسنة” وقال تعالى في الآية الـ131 من سورة الأعراف “فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ”، كما وصف القرآن الدنيا بالفضل الالهي وقال “يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”(التوبة / 28).
الثالث: الآيات التي تشرح العلاقة بين الحياة الدنيا والآخرة ومنها قوله تعالى في الآية 7 من سورة يونس المباركة ” إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَ رَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا و اطْمَأَنُّوا بِهَا”.
ولذلك يمكن القول إن الدنيا ليست مذمومة في ذاتها، فاذا كان الانسان ينظر الى الدنيا وما فيها على أنها وسيلة يكتسب بها الآخره وينال من خلالها الجنة، فهذه الدنيا ليست مذمومة، بل هي مرغوبة. قال الامام علي(ع) في الخطبة الـ156من نهج البلاغة ” بِالدُّنْيَا تُحْرَزُ الْآخِرَةُ”.
