وهذا أمر لا يمكن لأي عاقل أن ينكره ولئن كان في الإمكان جَحده فيما سلف من القرون فلا سبيل إلا إلى الاعتراف به في قرننا هذا ونصف القرن الماضي حيث بات العُرِيٌّ هو السِّمة البارزة لهما، وباتت المرأة سُلعة تباع وتُشرى في أوكار الخلاعة والمُجون، وصارت هي الوسيلة الأهم لجذب الرجل الزبون من خلال ما تقوم به من دعاية للسِّلع والمنتجات، حتى يكاد المُشاهد لا يعثر على رجل يُسَوِّق لسلعة أو مُنتَج، بل نساء شبه عاريات، ناهيك عن عالم (الفَنِّ) فلا تُخْتار إلا النساء الجميلات المتبرجات لتأدية أدوار تمثيلية، وكذلك في عالم الغِناء تجد جسَد المرأة هو الذي يُغَنِّي ليُطرِبَ العيون لا الآذان. والمرأة المِسكينة تتوهَّم أنها تقدم فَناً يجب أن تنال الثناء عليه من شرائح المجتمع وهي لا تقدم إلا جسدها.
فبهذا تدرأ عنها سهام الشياطين الطامحة للنيل منها، ولا ينال من جمالها قُطّاع الطرق ولصوص النظر والنزوات، لأن التي تكون مشاعاً أمام الجميع سينال منها الجميع كالوردة التي تكون في متناول الجميع يصبح جمالها مألوفاً والمألوف يصبح عادياً، أما التي تصون نفسها وتحافظ على عِفَّتها وخصوصيتها فذلك أنعم لحالها وأدوم لجمالها.