Search
Close this search box.

بين المهدي وسليمان (عليهما السلام)

بين المهدي وسليمان (عليهما السلام)

بقلم : عامر ملا عيدي

في الآية 35 من سورة ص المباركة، نقرأ دعاء سليمان (ع): ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾.
وفي الآية 55 من سورة النور المباركة، نقرأ قوله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
فالآية من سورة ص تختص بنبي الله سليمان (ع) كما هو واضح من سياقها، والآية الثانية تختص بالإمام المهدي (ع) ونازلة فيه، باعتبار المستقبليات التي تؤطر سياق أفعالها المضارعة، وتستجمع كل معاني الآيات الجارية في الإمام المهدي (ع)، كالآيتين 5 و 6 من سورة القصص المباركة ﴿وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ * ونُمَکنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما کانُوا یحْذَرُونَ﴾، فهي نازلة في حادثة معينة ﴿وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهامانَ﴾ وجارية في الإمام المهدي (ع)، وغيرها من الآيات القرآنية المشابهة لها في سياق النزول والجريان. وذلك وفق رؤية أتباع أهل البيت، الذين يعتبرون آية ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ… الآية﴾ من أجلى الآيات التي تتحدث عن عصر الظهور المبارك والمختصة به والنازلة في الحدث الكوني المرتقب، والذي ستشرق به والذين معه الأرض بنور ربها.
وعند مراجعة تفسير الميزان نأخذ ما قاله السيد الطباطبائي (قدس سره) في تفسيره للآية: (وربما استشكل في قوله: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي﴾ أن فيه ضنا وبخلا، فإن فيه اشتراط أن لا يؤتى مثل ما أوتيه من الملك لأحد من العالمين غيره. ويدفعه أن فيه سؤال ملك يختص به، لا سؤال أن يمنع غيره عن مثل ما أتاه ويحرمه، ففرق بين أن يسأل ملكا اختصاصيا وأن يسأل الاختصاص بملك أوتيه. انتهى. تنويه: (وردت كلمة ضنا هكذا في نسخة التفسير المنقولة على النت، ولم أجر عليها تصحيحا، والأصح ظنا، فهو من أخطاء النسّاخ).
فالسيد الطباطبائي يقول: (ربما) في أول تعرضه لتفسير الآية، بمعنى أنه يحتمل ذلك.
والأسئلة التي تُطرح في معرض دعاء سليمان (ع) هي:
– هل أن النبي سليمان (ع) الذي أعطاه الله الملك نتيجة دعائه كي ينشر دين الله في الأرض، لا يعلم أن هناك رسالتان سماويتان ستكون من بعد نبوته، وكذلك جملة أنبياء سيصطفيهم الله بعده، كي يدعو بملك لا ينبغي لأحد من بعده من حيث السعة وبسط اليد؟
– هل سيكون ما يعطي الله للمنقذ الكوني المبشر به في القرآن والسنة وكل الأديان والعقائد بما فيها الوضعية، كحقيقة إلهية وفطرية ثابتة لا مناص منها، أقل مما أعطي لسليمان (ع)؟ علما أن المهدي (ع) ستكون الأرض تحت حاكمية عدله ويملؤها عدلا وقسطا ﴿لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، على عكس حكم وملك سليمان (ع) الذي حكم في مناطق محددة من الأرض وليست كل الأرض؟
– هل كان دعاء سليمان (ع) مختصا بفترة محددة تشمل الموجة البشرية التي عاشها والتي استمرت بعده لفترة ثم تلتها موجات بشرية وأنبياء ومرسلين؟ وهل نستطيع تفسير دعاء النبي (ع) بمثل ما مأثور عندنا في تفسير قول العقيلة زينب (ع) مخاطبة مجتمع الكوفة عام 61 هجري بعد واقعة الطف (ولا ترضي الولاة عنهم أبدا) أنها تختص بتلك الموجة البشرية المتمثلة بـ (فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدو علينا فقتلونا)؟ أي اختصت بأولئك الذين دعوا الإمام الحسين (ع) للمجيء إليهم ثم نكثوا بوعدهم، ولا علاقة للدعاء وجريانه على الموجات البشرية اللاحقة التي تشكل مجتمع الكوفة وما حواليها؟
ثمة أسئلة أخرى في السياق، أعرضت عنها تجنبا للإطالة والإسهاب، راجيا توضيح الأمر بشكل جلي من العلماء ذوي الإختصاص القرآني، مع وافر المحبة.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل