Search
Close this search box.

أجيال التكفير الأربعة

الجيل الأول
مر بنا التكفير بأربعة أدوار جيلية، كلها كانت نتاجا الوهابية، يبدأ الجيل الأول من الـتأسيس، فالوهابية فئة تأسست في القرن الثامن عشر للميلاد على يد محمد بن عبد الوهاب الذي استند بكل ثقله وحركته على ابن تيمية الحراني الذي يعتبره الوهابيون بمثابة مرجع ديني فقهيٍّ لهم، يأخذون منه تعاليم الدين والمسائل الشرعية.
فبعد أن أسس محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى قام بمبايعة الوهابيين ووقّع حلفاً سياسياً دينياً مع محمد بن عبد الوهاب عام ألف ومئة وثلاثة وخمسين وما بعدها في منطقة الدّرعيّة، على أن يكون الحكم لآل سعود والفتوى لآل الشيخ. ومن هنا باتت الوهابية بأحكامها هي القانون المتّبع في أرض الجزيرة والحجاز والتي تسمى الآن السعودية، والفكر الوهابي هو منطقها المطبّق والناطق. ليتم الهجوم على حواضر وبوادي الجزيرة العربية والحجاز بحجة انحرافها عن الإسلام والعقيدة الحقة ووجود الخلل في توحيدها. وسفكت دماء غزيرة من أبناء القبائل النجدية وسبيت حواضر نتيجة الغزوات والغارات الدموية التي شنها آل سعود وجيوشهم الوهابية من أجل إخضاع كل نجد تحت سلطتهم متخذين من الفكر الوهابي غطاء دينيا يغطي سيوفهم بالفتوى.
ويعتقد الوهابيون كما الأمويين بالجبر، بمعنى أنَّ الإنسان مجبر في أفعاله، فالله خلق الإنسان وخلق أفعاله وكلّ ما يقوم به من خير أو شر، ولا يجوز الخروج على الحاكم الجائر، والمستبدّ الفاسد، ويوجبون طاعته والاستماع له، كما جاء في كتاب الأحكام السلطانيّة. وإذا خالف الإنسان أمر الله عن جهالة فإنّه يكون مبتدعاً حتّى لو كان جهله عن قصور لا عن تقصير. وهذا المبدأ الجبري أعطاهم حرية سفك الدماء واستباحة كل شيء على الأرض، مثلما كان بنو أمية يفعلون. ويعتبر الوهابيون أن كل من هو ليس بوهابي كافر وغير مسلم دمه مباح ويجوز قتله.
الجيل الثاني
بعد القضاء على الدولة الوهابية الأولى على يد أحمد باشا وتهديم الدرعية، نشأت الدولة الوهابية الثانية، أو ما تسمى إمارة نجد عام ألف وثمانمئة وخمس وستين ميلادي على أنقاض الدولة الوهابية الأولى. لتنتج لنا الجيل الثاني من التكفير بعد أن اضمحل تنظيم إخوان من أطاع الله بقيادة فيصل الدويش.
الجيل الثالث
يتمثل بالدولة الثالثة أو ما يسمى بالمملكة العربية السعودية، والتي كانت نشأتها عام ألف وتسعمئة واثنان، وسيطرت بمساعدة البريطانيين على أغلب مناطق نجد والحجاز خلال فترة حكمها الممتدة إلى يومنا هذا. وخاضت الدولة الثانية والثالثة حروبا كبيرة في حواضر الجزيرة العربية وأطرافها، وامتدت حروبها في الفترتين الثانية والثالثة إلى سواحل عمان والعراق والشام، وارتكبت العديد من المجازر الوحشية بحق سكان هذه البلدان وذبحت قوافل الحجيج اليمنيين ودمرت حواضر كربلاء وقتلت الآلاف من بهجومين دمويين ولم تسلم البصرة وبادية السماوة من هذه الهجمات، وكذا فعلت مع الشام وحواضرها ومدنها كلبنان ودمشق، وهجمت على الكويت والعديد من البلدات الخليجية على طول ساحل عمان، لغرض فرض سيطرتها عليها، ثم استخدم الجيلان الثاني والثالث إضافة للغزو العسكري وشن الهجمات، الغزو الثقافي في آسيا وإفريقيا بعد اكتشاف النفط، وإقامة مؤسسات للفكر الوهابي في أغلب هذه البلدان، ودفعت الأموال الطائلة من أجل ترسيخ هذا الفكر، ما أنتج نشوء نسخة مشوهة عن الإسلام أمام العالم كله. وهو ما كانت تبغيه الدول الاستكبارية، إذ يقول المستشرق المجري كولد زيهر إن ابن تيمية أحدث شرخا في الإسلام لا يُسدُّ إلى يوم القيامة .
الجيل الرابع
الجيل الرابع الذي أنتجته الوهابية هو التنظيمات التكفيرية، أو ما يسمى بداعش وأخواتها، وبصريح العبارة نقول: أن الفكر الوهابي المنحرف الذي احتكر الحقيقة ورفض الفكر الإسلامي الآخر هو الحاضنة والبيئة لتلك الجماعات الدموية التي امتطتها أجهزة مخابرات الدول المحلية والدولية، حيث مكنت الجيل الرابع للوهابية بوسائل القتل الدموي للناس في الشوارع والمساجد والحارات والجامعات والمدارس والأسواق، وإباحة قتل كل من يعمل موظفا أو عالما أو طالبا في الجامعات والمدارس العامة في الدولة بحجة مشاركته للحكام الظالمين، واستخدم الجيل الرابع ذات النهج الذي انتهجته الأجيال الثلاثة الوهابية التي سبقته في هدم ونبش القبور والأضرحة والمقامات، وتدمير المساجد المقامة على أضرحة الأنبياء والأولياء والصالحين. واستباحت الأعراض واغتصبت النساء وفتحت أسواق النخاسة لبيع نساء غير المسلمين، بل استباحت دماء الشيعة ومن خالف فكرهم الوهابي من بقية طوائف ومذاهب المسلمين. فلو أجرينا مقارنة ولو بسيطة بين الفكر الوهابي وبين الفكر الصيوني التلمودي لوجدنا تطابقا وتشابها كبيرا بين الاثنين، من حيث المنهج والفكر والممارسة على الأرض، ولا تختلف عقائد الوهابية بشيء عن الفكر التوراتي والنبوآت التي يحويها التلمود الصهيوني المنحرف، كنبوءة إشعيا وغيرها والتي تقول: (اقتلوهم جميعا واحرقوا كل ما يلاقيكم واغتصبوا نساءهم ثم اقتلوهن واقتلوا حتى الأطفال الرضع وابقروا بطون حواملهم واقتلوا الأجنة ولا تبقوا شيئا منهم على الأرض)، وهذا مثال واحد على التطابق الفكري والعقدي الدموي بين الوهابية والصهيونية. وهناك تطابقات أخرى كثيرة، فالجيل الرابع للوهابية خرج من رحم أفكار ابن تيمية وابن عبد الوهاب، وهذان خرجا من رحم الفكر التلمودي ونظريات موسى بن ميمون الصهيوني.
وإذا أردنا أن نعطي رقما تقريبيا لعدد المسلمين الذين سفكت دمائهم على يد هذه الأجيال التكفيرية الأربعة، فإننا لا نجانب الحقيقة حين نعطي رقم عشرة ملايين مسلم موحد. ناهيك عما أحدثوه من خراب في البلدان والحواضر والمدن الإسلامية.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل