جهاد التبيين واجب حتمي وفوري على الجميع

أود أن أتحدث عن أن جهاد التبيين هو أساس عمل الأنبياء وفي كربلاء وفي مرحلتنا الحاضرة ضمن المسؤولية الحاضرة. وينطلق الكلام من تأكيد سماحة السيد القائد – دام ظله – أنَّ جهاد التبيين في هذا الزمان هو أمر حتمي وواجب. يعني ليس أمراً مستحباً. ضروريٌّ وأيضاً لازمٌ الآن. فوريُّ غير قابل للتأجيل. غير قابل للتأخير بسبب طبيعة المسؤوليات والمهام والتحديات والمخاطر. وأيضاً هو واجبٌ على الجميع. ليس واجباً كفائياً. يجب أن يقوم به الجميع كلٌّ بحسب طاقته وقدرته مثل الصلاة، تماماً كما أنَّ الصلاة واجبة لو قام بها البعض لا تسقط عن البعض الآخر. جهاد التبيين الآن واجبٌ على الجميع.

التبيين هو أساس عمل الأنبياء (ع)

إنّ أساس عمل الرسل والأنبياء (ع) هو تبيين الحقائق والوقائع للناس.

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (إبراهيم، 4) لماذا؟ ما هو الهدف من بعثة وإرسال الأنبياء؟ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم، 4) هذه مسؤوليته الأولى والأساسية: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (إبراهيم، 4). إذاً، رسالة الأنبياء ومهمتهم الأولى هي هذه. حسناً، كيف أصبحت جهاداً. يعني هذا التبيين كيف أصبح جهاداً؟

بطبيعة الحال، عندما يأتي الأنبياء (ع) إلى أقوامهم كانوا يواجَهون، أي لم يكن الأمر عملية تبليغ هادئة وناعمة وموضوعاً ثقافياً وديمقراطية وحرية رأي وحرية تعبير، [بل] كان هناك من يقف في وجه هؤلاء الأنبياء والرسل. كان هناك من يقف ويتصدى ويواجه ويرفض ويلجأ إلى أشكال متنوعة ترقى أحياناً إلى العنف وأحياناً إلى القتل. هنا لما صار هناك طرفان، صار هذا جهاد وصار جهاد التبيين. لم يعد مجرد تبيين، ومجرد عمل دعوي وتبليغي وثقافي وإنما تحول إلى جهاد. من الذي كان يقف في الجبهة المقابلة؟ من يسميهم القرآن الكريم مثلاً: الملأ الأعلى الذين يعتبرون أنفسهم فوق [الناس]. يعتبرون أنفسهم الأشراف والنخبة والخواص عند السلطان أو عند الحاكم، وفي مصطلح [آخر]: المترفون. الأموال مكدسة عندهم. يحتكرون الامتيازات لأنفسهم، ويأتي على رأس هؤلاء الفراعنة والنماردة والطغاة الكبار، أي النمرود وفرعون وأبو جهل أبو سفيان. ولذلك، كان الأنبياء – سلام الله عليهم – يواجهون بعنف وبقوة. القرآن الكريم يحدثنا، الروايات، قصص التاريخ، الأحداث التاريخية… كيف كان يواجَه هؤلاء الأنبياء (ع).

جهاد التبيين عند الأنبياء (ع)

لا يكفي في الرجل ليختاره الله نبياً، لا يكفي أن يكون عالماً فهيماً تقياً نقياً صافياً طاهراً خلوقاً بل يجب أن يكون شجاعاً وعلى درجة عالية جداً من الشجاعة حتى يتمكن من الوقوف في وجه هذه الموجة العاتية في وجه هؤلاء الفراعنة والنماردة والطبقة الحاكمة المستبدة الظالمة. لا يخاف. لا يتزلزل. لا يهتز. لا يتراجع لا أمام ترغيب ولا أمام ترهيب ولا أمام تعذيب ولا أمام تهديد بالقتل. يجب أن يكون على درجة عالية جداً من الشجاعة وهذه واحدة من لوازم جهاد التبيين. كُلنا نعرف كيف وُوجه الأنبياء – سلام الله عليهم – والرسل وأتباعهم بالإهانات والشتائم والتعذيب الجسدي للنبي (ص) ولأتباع النبي من الرجال والنساء وصولاً إلى الطرد والعزل الاجتماعي، وصولاً إلى القتل إلى الصلب. عندما نقرأ تاريخ الأنبياء (ع) وأصحاب الأنبياء مثلاً إبراهيم (ع)… كيف ردوا عليه عندما عجزوا أمام دعوة التوحيد؟ جمعوا ناراً وألقوه في النار. يحيى بن زكريا – سلام الله عليه – لأنه أصر على موقف شرعي واضح ويرتبط حتى بتفصيل فقهي له علاقة بالزواج وحرمة نوع من أنواع الزواج في القصة المعروفة، قُتل وقُطع رأسه وأُهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل. هذا هو الظلم الذي كان يلحق بهم، وهم لم يكونوا حاملي السيف [بل] بل كان جهاد التبيين، ولذلك التبيين هنا جهاد.

لذلك هذا الجهاد كما ذكرت في المرة الماضية يصفه الله – سبحانه وتعالى -: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} (الفرقان، 52). سماحة القائد – حفظه الله – أخذ هذه الآية وأطلق على جهاد التبيين الجهاد الكبير، الجهاد العظيم الذي هو مسؤولية كل الناس. يقول سماحة السيد القائد ما نصه: «الجهاد ليس مجرد حمل السيف والحرب في ساحة القتال؛ الجهاد يشمل الجهاد الفكري والجهاد العملي والجهاد التبييني والتبليغي والجهاد المالي»، أي الأنبياء والرسل (ع) قاموا على وظيفتهم الإلهية والأخلاقية والإنسانية طوال التاريخ، وقد أنجزوا هذه المهمة العظيمة والمقدسة على أفضل ما يكون.

جهاد التبيين في الحركة الحسينية

نأتي إلى الحركة الحسينية. في الخطاب السابق قلت: نحن نصف الحركة الحسينية بأنها حركة إيمانية جهادية منذ اللحظة الأولى، منذ أن وقف الحسين (ع) في قصر الأمير، الأمير الأموي في المدينة، ورفض البيعة ليزيد وقال كلمته المعروفة. بدأت الحركة الفعلية المتصلة أحداثها بما جرى في مثل هذه الأيام. وقلت أيضاً إنَّ جهاد التبيين كان عنواناً لهذه الحركة منذ بدايتها إلى نهايتها وهو أحد المواصفات أو العناوين أو الأجزاء الأساسية في حركة كربلاء.

عندما كنا نتكلم على الحركة الحسينية كنت أقول هي تتشكل من جزأين أصيلين: الجزء الأول يبدأ من رفض البيعة في المدينة إلى شهادة الحسين (ع) يوم العاشر، والجزء الثاني يبدأ من بعد شهادة الحسين (ع) إلى ما بعد، وكان قائد المرحلة الأولى الحسين (ع) وحامل رايته كان أبا الفضل العباس، وكان قائد المرحلة الثانية السيدة زينب والإمام زين العابدين (ع).

المواصفات المطلوبة لمهمّة التبيين

إذاً هناك مرحلة ثانية، وهناك جزء أصيل ثانٍ ومهمة ثانية. ما هي هذه المهمة؟ هي مهمة نقل الوقائع وتبيين الأحداث وشرح الأهداف والخلفيات وبشكل واضح وقوي وناصع ومؤثر. حسناً، هذه المهمة تحتاج إلى أحد، وطالما أن المهمة مهمة تبيين ومهمة جهادية، فالمطلوب شخص يكون عنده مجموعة من المواصفات. من جملة هذه المواصفات أن يكون هناك ضمانة ألّا يُقتل لأنه إذا قُتل في كربلاء لن يقدر على القيام بالمهمة الثانية.

واضحٌ إلى أين أريد أن أصل؟ أي يجب أن تكون امرأة. هذه المهمة تحتاج إلى امرأة لأنّ منطق الأمور أنَّ المرأة ما كانت لتقتل. المرأة في ذلك الوقت في تلك الأزمنة كانت تُسبى، ما كانت تُقتل. إذاً، أولاً نريد أحداً لا يُقتل ويبقى على قيد الحياة بعد أن نستشهد كلنا ليحمل هذا الدم وهذا الصوت وهذا الموقف وينقله للناس. ثانياً هذا الشخص يجب أن يكون ذا علم ومعرفة وفهم وبصيرة ويعرف ماذا يجري والأهداف التي يريد شرحها وتبيينها. ثالثاً يجب أن يمتلك قدرة خطاب وبيان، فإذا كان لديه مشكلة بالبيان، بالتوضيح، بخطابه ولسانه، لن يقدر على القيام بالمهمة… أن يمتلك قدرة التأثير العاطفي في الناس عندما يستمعون إليه لأنَّ المطلوب ليس عملاً إعلامياً عادياً، بل المطلوب أن يخاطب العقول والقلوب وهذه مهمة جهاد التبيين. [رابعاً] يجب أن يكون لدى هذا الشخص مكانة اجتماعية عالية عند الناس، حتى إذا وقف ليخطب الناس، يسكتون ويصغون ويقبلون أن يستمعوا له بسبب مكانته واحترامه.

إضافةً إلى هذه الشروط، كما تحدثت عن الأنبياء (ع)، من الشروط المهمة جداً أن يكون هذا الشخص على درجة عالية من الشجاعة والصلابة والجرأة، لماذا؟ لأن أولاً هذ الشخص سيشهد أمام عينيه أحداث مهولة ومحزنة ومزلزلة، وهو يجب ألّا يتزلزل، وإذا تألم في داخله، يجب ألّا يُظهر أي وهن أو ضعف. [ثانياً] يجب أن يكون على درجة عالية من الشجاعة والجرأة والصلابة لأنه سيذهب ليخاطب الناس وليخاطب الطغاة وليقف في مجلس ابن زياد في الكوفة وفي مجلس يزيد في دمشق. الله – سبحانه وتعالى – يقول: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (الأحزاب، 39) هذا هو شرط النبي (ص)، شرط النبي (ص) ألا يخشى أحداً إلا الله. الشخص المطلوب في الحركة الحسينية لهذه المهمة يجب أن يكون من هذا النوع أن لا يخشى أحداً إلا الله.

حسناً، عندما يضع الإمام الحسين (ع) هذه المواصفات ويبحث هذه المواصفات، على من تنطبق؟ أنتم أجيبوا. تنطبق على السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء، سلام الله عليهم أجمعين.

لمتابعة مقالات عن التبيين هو أساس عمل الأنبياء اضغط هنا

جهاد التبيين عند السيّدة زينب (ع)

في أحداث كربلاء وما بعد أحداث كربلاء أنيطت هذه المهمة لهذه السيدة العظيمة (ع). ماذا كانت مهمتها؟ كانت جهاد التبيين.

أستطيع أن أقول إنَّ السيدة زينب (ع) منذ طفولتها أُعدّت وهُيئت وعُلّمت وثُقّفت ورُبيّت وجُهّزت لهذه المهمة الإلهية العظيمة التي كان يتوقف عليها حفظ الإسلام إلى قيام الساعة. ولذلك، تلاحظون أنّ السيدة زينب (ع) لما رجعت من دمشق إلى المدينة وبقيت بضعة شهر في المدينة، بعدها، لم يبيّن المؤرخون [ماذا حدث]. يقولون إنَّ السيدة زينب (ع) توفّيت سنة 61 للهجرة والبعض يقول سنة 62 للهجرة، أي عاشت قريب السنة وتوفيت.

الإنسان يشعر كأنَّ السيدة زينب (ع) وُلدت وعاشت وربّيت وكبرت… لأداء هذه المهمة.

الحسين (ع) عندما أصر على أن يخرج النساء والأطفال لأنَّ النساء والأطفال هم البقية الباقية بعد الشهادة الذين يريدون أن يُكملوا المسؤولية مع السيدة زينب (ع).

النساء تُسبى بعد المعركة وينتقلون من بلد إلى بلد، ويزيد وعبيد الله بن زياد هم سيهيّؤون الفرصة حتى يصل هذا الصوت من الكوفة إلى كل بلدة، إلى كل مدينة، إلى كل قبيلة، إلى كل عشيرة، من طريق الكوفة إلى دمشق، وأن يصل صوت دم الحسين (ع) إلى دمشق بل إلى مجلس يزيد، إلى بيت يزيد. هذا الأمر ما كان ليحصل لولا وجود النساء والأطفال ليُسبوا.

كان هذا جزءاً من الخطة، ولذلك عندما جاؤوا ليناقشوه الإمام (ع)، كان يختصر أحياناً ولا يشرح لهم، [كان يقول]: شاء الله أن يراني قتيلاً، وعندما يسألون: لماذا تأخذ النساء والأطفال معك، [كان يقول]: شاء الله أن يراهنَّ سبايا. هذا جزء من الخطة وهذا له علاقة بجهاد التبيين.

انظروا إلى تخطيط الإمام الحسين (ع): الكوفة كلها وقفت تستمع إلى زينب (ع) في خطبتها المعروفة وصاروا كلهم يبكوا وهي قرّعتهم: أتبكون؟ وحمّلتم المسؤولية…

ما قالته زينب (ع) في الكوفة في مجلس ابن زياد في مجلس يزيد – كانت صلبة وقوية وراسخة وأصبحت مثالاً وقدوةً لنا جميعاً، للرجال والنساء، في الثبات في الصلابة –

عندما أراد أن يشمت بها: «كيف رأيتِ صنع الله بأخيكِ؟» قالت (ع) له الجواب الذي صار اليوم ثقافة عندنا على مدى الأجيال، ثقافة وشعاراً عند أمهات شهدائنا، عند رجالنا ونسائنا وصغارنا وكبارنا، «ما رأيت إلا جميلاً».

من يقول هذا؟ امرأة وقفت في كربلاء وشاهدت كل المصائب، تقف وتقول: «ما رأيت إلا جميلاً». هذا حفظه لنا التاريخ.

في جهاد التبيين، بيّنت (ع) الحقائق. نقلت ما حصل:

الخلفيات والأهداف، بطريقة واضحة وجريئة وشجاعة ومؤثرة.

وفضحت المجرمين وزلزلت عروشهم حتى وصل يزيد إلى مرحلة يقول: ما قام به ابن زياد جعلني مكروهاً لدى كل المسلمين.

ما كان هذا ليحصل لولا الشق الثاني، لولا جهاد التبيين. إنّ كل ما حصل بعد كربلاء من ثورات ومن قيام ومن فضح ليزيد وإسقاط ليزيد ولنظام آل أبي سفيان، وهذا الامتداد الهائل إلى اليوم لهذه الحادثة، هو ببركة جهاد التبيين الذي قادته زينب والسجاد (ع) ومعهما هذه الثلة الطاهرة من نساء رسول الله بنات رسول الله (ص).

وهذا الأمر استمر إلى المدينة بعد المدينة مع الإمام زين العابدين مع أئمتنا (ع)، مع آبائنا وأجدادنا. وإلّا كيف كان يمكن التغلب على إجراءات يزيد وهو كان حاكماً مطلقاً لديه الولاة والعساكر ووعّاظ السلاطين والشعراء الذين كانوا ينظمون له الشعر الذي يريد مقابل المال خوفاً أو طمعاً، ولديه الآلة الضخمة لنشر الإشاعات والأكاذيب والافتراءات على امتداد العالم الإسلامي. كان لديه إمكانات هائلة.

الحسين (ع) واجه بالإمكانات المتاحة، أقصى الإمكانات المتاحة. ما هي أقصى الإمكانات المتاحة؟ كانت الدم الذي يجري في عروق الحسين (ع) وصحبه، والصوت الذي يخرج من حنجرة زينب والسجاد (ع) والنساء. هنا انتصر الدم الحسيني والصوت الزينبي على السيف وهذا ما بقي لنا إلى اليوم.

جهاد التبيين في زماننا المعاصر

عندما نأتي إلى زماننا المعاصر، جهاد التبيين – كمصطلح وإلا عملية التبيين في مقاومتنا في الأربعين عاماً كما تحدثت في الخطاب الأخير بدأت من اليوم الأول – وطبعاً العلماء الكبار لعبوا دوراً، دوراً أساسياً في تلك المرحلة في الدعوة إلى المقاومة وتأييد المقاومة ومساندة المقاومة. إلى جانب موقف سماحة الإمام الخميني (قده) وفتواه الحاسمة، مثلاً علماؤنا في لبنان المرحوم سماحة آية الله السيد محمد حسين فضل الله – رحمة الله عليه – والمرحوم سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين، وهكذا جمع كبير من العلماء، كان جهاد التبيين في الوقت الذي كانت “إسرائيل” تحتل فيه نصف البلد. فقيمة السيد عباس [الموسوي] وقيمة الشيخ صبحي [الطفيلي] – على كل حال في ذلك الوقت كلهم كانوا موجودين، والله يهديه – وقيمة الشيخ راغب [حرب] وقيمة السيد الشهيد عبد اللطيف الأمين (رض)، قيمة كل هذا الجيل أنّه كان يعبّر ويتكلّم ويقف ويحرّض الناس ويدعوهم، وهذا كان جزءاً من جهاد التبيين. ما كان للمقاومة المسلحة أن تستمر وتتعاظم وتكبر وتحصل على هذا الاحتضان وهذا التأييد لولا جهاد التبيين، وهذا ما نحتاجه اليوم أيضاً. سماحة السيد القائد يقول: هذا واجب حتمي وفوري، هذا وقته. هناك وظائف ومسؤوليات وواجبات وفرائض يجب أن يؤتى بها في وقتها. عندما ينتهي وقتها، هناك شيء غير قابل للقضاء. يضرب مثلاً يحكي عن ثورة التوابين… سليمان بن صرد الخزاعي، نعم، كانت ثورة عظيمة ووجدانية وأخلاقية ولكن جاءت في وقتٍ متأخر، في غير وقتها. كان عليهم أن يخرجوا مع الحسين (ع) لا أن يخرجوا ليقيموا ثورة. لو هذه الآلاف المؤلفة خرجت مع الحسين، لتَغير وجه التاريخ وأخد التاريخ منحى آخر، ولكن لأنهم لم يقوموا بواجبهم في الوقت اللازم والصحيح والفوري وأجّلوا ذلك، كانت النتيجة هكذا.

القائد يقول: هذه مسؤولية الجميع، العلماء الخطباء الأساتذة المعلمين المثقفين الشعراء الأدباء الفنانين الفن بكل أنواعه… الكتّاب الكبار الرجال النساء الزوج الزوجة الأب الأم الولد الابن البنت حتى في الدائرة الضيقة… الزوج يقدر أن يبيّن لزوجته، والزوجة تقدر أن تبيّن.

هذه مسؤولية الجميع: كل من لديه قدرة تبيين وفرصة تبيين من واجبه التبيين والشرح والتوضيح في هذا الزمان. هذا واجب كبير وخطير، لماذا؟ لأن قوى الكفر والاستكبار والطغيان والنهب العالمي التي تنهب وتظلم وتستبد في هذا العالم هي تستخدم كل مقدراتها وطاقاتها وإمكاناتها لتحقيق هذا الهدف الشيطاني. لا توفر شيئاً، لا مالاً ولا سلاحاً ولا تهديداً حتى بالنووي ولا حصاراً ولا عقوبات ولا تجويعاً ولا وسائل إعلام ولا إنترنتاً ولا أي شيء، لخدمة أهدافها الشيطانية. نحن شعوب هذه المنطقة وخصوصاً المسلمين وأيضاً المسيحيين وأتباع الديانات السماوية، نحن مستهدفون.