– «وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ».
يوجد تخفيض في شروط وأسباب قبول الأعمال، هذا العمل نفسه يمكن أن تنجزه خارج شهر رمضان، فلسبب أو لآخر قد لا يُقبل منك، أمّا في شهر رمضان فالأعمال مقبولة.
– «وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ».
شهر رمضان هو شهر الدعاء؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يستجيب أدعيتنا. طبعاً، وبين هلالين، قد يقول بعض الإخوة والأخوات أنّنا طلبنا في شهر رمضان من الله كذا وكذا، فلم يعطنا، الله سبحانه وتعالى يعطينا ما فيه صلاح دنيانا وآخرتنا، والقاعدة هنا كما ورد في الدعاء عن الإمام زين العابدين (ع): «ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خيرٌ لي، لعلمه بعاقبة الأمور».
إذاً، بناءً على هذه المعرفة، أنّ هذا الشهر هو أعظم وأفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، وأنكم ضيوف الله، وأهل كرامة الله، أنفاسكم فيها تسبيح، نومكم فيه عبادة، عملكم فيه مقبول، دعاؤكم فيه مستجاب، فبناءً على هذه المعرفة، وعلى هذا الاعتقاد، وهذا الفهم، النبيّ (ص) يُرتّب لنا توجيهاً عمليّاً.
إلى هنا، نكون قد أخذنا العلم، إذاً يجب علينا أن نذهب ونعمل ونتحرّك ونتصرّف خلال هذه الأيام والليالي والساعات بناءً على هذا الفهم، والتقدير، والمعرفة، وعندما ندرك أنّنا نعيش ساعات وأيّام وليالي عظيمة جدّاً عند الله سبحانه وتعالى، ورسول الله (ص) في بقيّة خطبته يُحدّثنا عن نتائج الأعمال وثوابها وعظمتها وأجرها ودرجاتها عند الله سبحانه وتعالى، فهذا كلّه يجب أن يُشكّل حافزاً لنا.
بعبارة أخرى، معرفتنا بقيمة الشهر، ومعرفتنا بالآثار الدنيويّة والأخرويّة المترتّبة على العمل يجب أن يُشكّل كلاهما حافزين قويين، ودافعين عظيمين للعمل في هذا الشهر المبارك.
وهنا يأتي بالكلام عن التوجيهات العمليّة:
– «فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ».
بدايةً وقبل البدء بأيّ عمل يجب أن نستعين بالله سبحانه وتعالى، على أنفسنا الأمّارة بالسوء، على الشياطين المغلولة، ونطلب منه التوفيق والمساعدة والتأييد والتسديد لنمضي في هذا العمل وتكون نيّاتنا صادقة، وقلوبنا طاهرة.
– «فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ، أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ، وَتِلاوَةِ كِتَابِهِ».
أكبر عنوانَين بدأ بهما رسول الله (ص) الصيام وتلاوة القرآن. الصيام الذي هو فريضة، ضمن الشروط الشرعيّة والفقهيّة، وتلاوة الكتاب الذي هو من أعظم الأعمال في شهر رمضان المبارك. وأوّل ما يوجّهنا به رسول الله (ص) هو الدعاء لله أن يعيننا وأن يوفقنا في ما نريد أن نقوم به من عمل.
– «فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ».
في هذا الشهر، شهر البركة والرحمة والمغفرة والضيافة والكرامة الإلهيّتين، والأجر العظيم الذي سيُذكر على بعض الأعمال، إذا أضعنا هذا كلّه، بالتالي نكون قد خرجنا من هذا الشهر ولم يُغفر لنا، ولم نكن ممّن شملته الرحمة الإلهيّة، وهذا معنى الشقيّ.
– «وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ، جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشَهُ».
بعد طلب الدعاء، والاستعانة بالله سبحانه وتعالى، يجب أن يكون جوعنا وعطشنا مذكِّراً لنا لما ينتظرنا يوم القيامة؛ لأنّ هذا يساعدنا أيضاً على الإقبال أكثر على الأعمال والجهد والتعب الذي يجب أن نتحمّله في هذا الشهر المبارك. عندما يُحشر الناس يوم القيامة في صحراء المحشر، والله أعلم إلى قيام الساعة أعداد البشرية، لنفترض عشرات أو مئات المليارات من الجنّ والإنس والكلّ يُحشر في صحراء واحدة، وفي يومٍ طويل، ويوم القيامة ليس 24 ساعة، وهو يوم الانتظار الصعب، في ذلك اليوم جوعٌ أين منه الجوع؟ وعطشٌ أين منه العطش؟ إذاً، جوعنا وعطشنا ونحن صائمون يجب أن يُذكّرنا بعطش وجوع يوم القيامة.
– «وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ».
من جملة ميّزات شهر رمضان الأساسيّة، أنّه شهر الفقراء والمساكين. وكما أنّ الرحمة الإلهيّة تشملنا جميعاً، فمن جملة أشكالها دعوة الناس لأن يتصدّقوا ويهتمّوا بالفقراء والمساكين، والثواب العظيم المترتّب على هذا العمل.
– «وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ».
بمعنى الأدب، شهر رمضان شهر التأديب، كلّ ما سبق هو مطلوب أيضاً في غير شهر رمضان، ولكن لهذا الشهر خصوصيّة من حيث أنّه دورة تدريبيّة، تذكيريّة، تعبويّة، تهذيبيّة، تعليميّة، لصياغة الإنسان وروحه وأخلاقه وإرادته وعزمه من أجل خير دنياه وآخرته.
– «وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ ».
التوقير، والاحترام، والتقدير، يجب على الصغار أن يوقّروا الكبار، والكبار يجب أن يرحموا الصغار، خاصةً في فترة صيام الكبار عليهم أن يرحموا الصغار ويصبروا عليهم.
– «وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ».
شهر رمضان هو شهر صلة الرحم، والتواصل بين العائلات.