يعتبر القرآن الكريم المسؤولية الاجتماعية عبارة عن مجموعة سلوكيات وأفعال يقوم بها الأشخاص لصالح البشر ويقوم المسلم بها ليس من منطلق الإجبار بل من منطلق حضوره الاجتماعي والامتثال لتعاليم البارئ عز وجل.
والمسؤولية الاجتماعية هي نوع من الالتزام الأخلاقي والجماعي الذي يقع على عاتق الناس تجاه أبناء جنسهم وانطلاقاً من هذه المسؤولية، على الإنسان أن يقوم بمجموعة من الأعمال لصالح المجتمع.
وفي الحياة الاجتماعية، تتشابك المنافع الاقتصادية والثقافية والدينية، وتؤثر تصرفات الشخص وسلوكه على كافة المجالات والأشخاص الآخرين في المجتمع وبالتالي فإن أفراد المجتمع مسؤولون عن سلوكيات وردود أفعال بعضهم البعض.
وفقاً للتعاليم الإسلامية، المسؤولية الاجتماعية هي مجموعة من السلوكيات والأفعال التي يقوم بها الناس تجاه أبناء جنسهم من البشر. والمسلم لايفعل ذلك من منطلق الإجبار بل يفعل ذلك لوجوده في المجتمع وامتثالاً لتعاليم الله تعالى.
ونطاق هذه الواجبات متنوع للغاية بناء على الآيات القرآنية، ويتضمن الشعور بالمسؤولية تجاه الفئات الاجتماعية المختلفة ابتداء من الأسرة حتى الأقارب، جميع أفراد المجتمع.
في الفكر الإسلامي، على المسلم أن يهتم بمجتمعه وبعلاقاته الإنسانية عندما يجد هناك أي نقص أو ضعف ويسعى الى اصلاح هذا النقص.
ومن الأمثلة للمسئولية الاجتماعية في القرآن الكريم هي الالتزام الذي يجب أن يتمتع به المسلم تجاه الأيتام والمساكين وذلك لقوله تعالى “وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا” (الإسراء / 34).إن أهمية الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية في مجال الأيتام كبيرة لدرجة أن بعض المفسرين في سورة “الماعون” المباركة يربطون بقوة بين الإيمان بالنفس وخدمة الأيتام والفقراء والأسرى وقبول الصلاة.
ونفهم من هذه الرؤية أن الإيمان والتدين الحقيقي والصلاة والعبادة الحقيقية هي أن يهتم الإنسان بمجتمعه ويقضي احتياجات أبناء جنسه من البشر؛ وإلا فلا يكون الدين والإيمان والصلاة والعبادة صحيحاً؛ لأنه لايوجد فيه عنصر الحب وتلبية احتياجات الآخرين.
والمثال القرآني الآخر للمسئولية الاجتماعية يتمثل في موضوع التواصي فأوصى القرآن الكريم جميع المؤمنين بالتواصي فيما بينهم. إن التواصي بالصبر والحق هو أحد المواضيع التي تناولها القرآن الكريم على نطاق واسع. إن الحاجة الى التواصي والتناصح يأتي بسبب ضعف إرادة الإنسان ودوافعه. وبعبارة أوضح، في بعض الأحيان تضعف إرادة الإنسان، ويقلّ تحمله في الطريق الصحيح. وفي مثل هذا الموقف هناك حاجة بالتواصي؛ لأنه سيتم تعزيز دافعية الإنسان وإرادته من خلال تواصيه بالحق والصبر، وسيكون من الممكن له أن يستمر على هذا الطريق.
إن المسؤولية الاجتماعية من الأمور التي تحظى باهتمام خاص في الدين الإسلامي، ومن أسباب استمرار الإسلام بين الديانات المختلفة هو اهتمام هذا الدين بحالة المجتمع ومراعاة أحوال الناس.
