Search
Close this search box.

ما هي آداب التائب إلى الله عز وجل؟

إن التوبة هي فعل يتضمن الدعاء إلى الله تعالى؛ لغفران الذنب والصفح عما سلف، ولذا ينبغي مراعاة أدب الدعاء عند طلب التوبة من الله تعالى، ومن هذه الآداب:

1- إقبال القلب:
بمعنى أن يكون التوجه لله تعالى بكل الفكر والقلب، لا أن يكون الترديد باللسان والشفتين لكلمات والقلب في غفلة عما يقول، ففي الرواية عن كميل بن زياد أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ” العبد يصيب الذنب فيستغفر الله، فقال عليه السلام: يا ابن زياد، التوبة، قلت: ليس؟ قال عليه السلام: لا، قلت: كيف؟ قال عليه السلام: إن العبد إذا أصاب ذنباً قال: أستغفر الله بالتحريك، قلت: وما التحريك؟ قال عليه السلام: الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة، قلت: وما الحقيقة؟ قال عليه السلام: تصديق القلب وإضمار أن لا تعود إلى الذنب الذي استغفر منه…”([1]).

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: “قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يقبل الله عز وجل دعاء قلب لاه”([2]).

2- الاستيقان بالإجابة:
بأن تكون على يقين بأن الله تعالى قد وعد العباد بقبولهم في حال توبتهم وندمهم، فلا يدخل اليأس إلى قلبك، فبدل أن تحصل على التوبة تكون قد ارتكبت إحدى الكبائر وهي اليأس من روح الله تعالى، وقد جاء في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “إن الله عز وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساهٍ، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالإجابة”([3]).
وعنه عليه السلام أنه قال: ” إذا دعوت فأقبل بقلبك وظُن حاجتك بالباب”([4]).

3- البكاء:
كما دعت لذلك الروايات الشريفة، فإن البكاء أجلى مظاهر الندم الحقيقي، وفي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: “ما من عين إلا وهي باكية يوم القيامة، إلا عيناً بكت من خوف الله، وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله عز وجل، إلا حرم الله عز وجل سائر جسده على النار، ولا فاضت على خده فرهق ذلك الوجه قترٌ ولا ذلةٌ، وما من شيءٍ إلا وله كيلٌ ووزنٌ إلا الدمعة، فإن الله عز وجل يطفئ باليسير منها البحار من النار، فلو أن عبداً بكى في أمةٍ لرحم الله عز وجل تلك الأمة ببكاء ذلك العبد”([5]).

وفي رواية أخرى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: “ما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرة دموع في سواد الليل مخافةً من الله لا يراد بها غيره”([6]).

4- الثناء على الله:
وقد تقدم في الدرس الأول سبب استهلال الإمام عليه السلام دعاء التوبة بالتمجيد، ونضيف على ما مر روايتين فعن الإمام الصادق عليه السلام: إن في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام: “إن المدحة قبل المسألة فإذا دعوت الله عز وجل فمجده”([7]).
وعنه عليه السلام في رواية أخرى: “إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل والمدح له والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلمثم يسأل الله حوائجه”([8]).
وكذا الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام فإنها من آداب الدعاء أيضاً كما في الرواية السابقة.

5- الاستغفار في الأسحار:
فهذا الوقت محبوب لدى الله تعالى، وبارك الله تعالى في المستغفرين فيه، وفي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “قال أبي عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله جل جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين ناداهم جل جلاله: يا أهل معصيتي لولا مَن فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي والمستغفرين بالأسحار خوفاً مني لأنزلت بكم عذابي ثم لا أبالي”([9]).

وعن الإمام الكاظم، عن أبيه، عن علي عليه السلام: ” إن الله عز وجل إذا أراد أن يصيبَ أهلَ الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار لأنزلت عذابي”([10]).

* حسن المآب – جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، مؤسسة أهل البيت، الطبعة الثانية 1414 ه.ق.، ج 16 ص 78.
([2]) الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الخامسة، ج 2 ص 473.
([3]) م. ن.
([4]) م. ن.
([5]) الكليني، الكافي، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الخامسة، ج 2 ص 482.
([6]) م.ن.
([7]) م.ن، ج2 ص484.
([8]) م.ن.
([9]) الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، مؤسسة أهل البيت، الطبعة الثانية 1414 ه.ق.، الحر العاملي، ج 16 ص 92.
([10]) م.ن، ج 16 ص91.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل