إن الصلح الذي أبرمه الإمام عليه السلام مع معاوية قد أحاطه بشروط تجعل الإمام عليه السلام في موقع القوة دائماً ومعاوية في موقف الضعف سواء على المدى القريب أو البعيد سواء وفى معاوية بشروط الصلح أم لم يفِ بها، فإن عدم الوفاء سيفضح معاوية ويشكل انتصاراً لخط أهل البيت عليه السلام على المدى البعيد.
شروط الصلح من طرف الإمام الحسن عليه السلام:
1 – أن يعمل معاوية بكتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين.
2 – ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهداً.
3- الناس آمنون حيث كانوا في العراق والشام والحجاز وتهامه.
4 – أمان الشيعة وأصحاب علي عليه السلام على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم.
5 – أن لا يبغي للحسن ولا لأحد من أهل بيته غائلة سراً وعلانية، ولا يخيف أحداً منهم.
6 – أن تكون الخلافة للإمام الحسن عليه السلام من بعده فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين وليس لمعاوية أن يعهد به لأحد.
7 – أن لا يسميه أمير المؤمنين.
8 – أن لا يقيم عنده شهادة.
9 – أن يضمن نفقة أولاد الشهداء من أصحاب الإمام علي عليه السلام.
10- ترك سبّ الإمام علي عليه السلام والعدول عن القنوت عليه في الصلاة.
11 – أن لا يتعرض لشيعته بسوء، ويصل إلى كل ذي حق حقه([1]).
الفرق بين الصلح(المعاهدة) والبيعة
لكي لا يشتبه الأمر على القارئ نقول له بأن ما فعله مولانا الحسن عليه السلام هو عبارة عن معاهدة وليس بيعة لمعاوية بن أبي سفيان ولا يعد هذا الصلح اعترافاً من الإمام بمشروعية معاوية على الاطلاق.
لأن الإمام عليه السلام اشترط في بنود الصلح أن لا يسميه أمير المؤمنين، فعاهده على أن لا يكون أميراً إذ الأمير هو الذي يأمر في مؤتمر له.
نتائج الصلح مع معاوية
1 – انكشاف الوجه الحقيقي لمعاوية:
لأنه هو الذي أعلن بنفسه عن أهدافه التي تتلخص في الوصول إلى قمة السلطة حين قال: “إني واللَّه ما قاتلتكم لتصلّوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجّوا، ولا لتزكّوا، إنكم لتفعلون ذلك، وإنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللَّه ذلك، وأنتم كارهون”([2]).
2 – انكشاف انحراف معاوية وعدم وفائه ببنود الصلح:
هو الذي قال: “ألا أنّ كلّ شيء أعطيته للحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به”([3]).
3 – انشكاف طغيان معاوية واكراه الناس للبيعة:
فقبل الصلح مع الإمام عليه السلام أعلن أن أسباب قبوله هو حقن الدماء ولكن بعد تسليمه السلطة سرح معاوية معه بسر بن أبي أرطأة في جيش فأقبل حتى دخل البصرة فصعد المنبر فقال: “الحمد للَّه الذي أصلح أمر الأمة وجمع الكلمة وأدرك لنا ثأرنا، ثم أن بسراً صعد المنبر ونادى بأعلى صوته ألا إن ذمة اللَّه بريئة ممن لم يخرج فيبايع”([4]).
4 – حرية الجماعة الصالحة بالنقد:
لم يستطع معاوية في زمن الإمام المجتبى عليه السلام أن يقيّد حركة الصالحين من أتباع الإمام، وكان لهم دور إيجابي ومميز في تحريك الأمة.
5 – توسع القاعدة الشعبية لأهل البيت عليهم السلام:
استثمر الإمام أجواء الصلح الملائمة لنشر فضائل أهل البيت وتعرية الحكم الأموي من الشرعية وقام بنشر الوعي في صفوف المسلمين حتى أصبحوا يميّزون بين منهجين: منهج الاستقامة على خط الرسالة بقيادة أهل البيت عليهم السلام ومنهج الأمويين المنحرف([5])
وفي الختام نقول: إن صلح مولانا الإمام عليه السلام قد كشف زيف الحكم الأموي وكان التمهيد الطبيعي لنهضة مولانا الإمام الحسين عليه السلام المباركة التي تجلت في المواجهة المسلحة للحاكم.
* محطات من سيرة أهل البيت عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) المنظمة العالمية للحوزات، تاريخ الإسلام، ج2، ص56 55.
([2]) م.ن، ج44، ص53.
([3]) الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص45.
([4]) الثقفي، إبراهيم بن محمد، الغارات، ج2، ص646 645.
([5]) نتائج صلح معاوية نقلاً عن: تاريخ الإسلام م.س، ص77 71، بتصرف، وتلخيص.