Search
Close this search box.

على المرء أن تكون همته عالية في اكتساب الفضائل كلها

على المرء أن تكون همته عالية في اكتساب الفضائل كلها

على المرء أن تكون همته عالية في اكتساب الفضائل كلها، وألا يكتفي بذلك بل يعمل ليبلغ الأوج فيها، وفي تسييلها في سلوكياته وعلاقاته، ليكون الأشرف في الناس بسببها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَيْسَ في شَرَفٍ سَرَفٌ”.
الشَّرَفُ: المَجد والرِّفعَةُ وعُلُوُّ الحَسَب ومحمود الصِّفات، ويُطلَقُ على المَوضِع المُرتَفِع، وشَرَفُ النّفس: سُمُوّ أخلاقيّ أو عقليّ، والشريف في قومه هو صاحب المنزلة الرفيعة فيهم، والكلمة المسموعة، والرأي الراجح.
وعرَّفَ العُلَماء الشَّرَفَ بأنه: صفة تُقَيِّمُ مستوى الفرد في المجتمع، ومدى ثقة الناس به، بناءً على أفعاله، وتصرفاته، وأحيانًا نسبه. ومثاله ما رُوِيَ عن رسول الله (ص): “ليسَ مِنَّا مَنْ لم يَرْحَمْ صغيرَنَا، ويَعْرِفْ شرفَ كبيرِنَا”.
والسَّرَفُ: تجاوز الحَدِّ في كل فعل يفعله الإنسان وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر. قال تعالى: “وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا”﴿67/ الفرقان﴾. ويقال تارة اعتباراً بالقَدْرِ، وتارة بالكيفية، ولهذا قيلَ: “ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سَرَفٌ وإن كان قليلاً”.
وعرَّف العُلماء السَّرَف بأنه الإنفاق أكثر من الحاجة، واستعمل القرآنُ الإسرافَ في الموقف والسلوك والإفراط في رفض الحق، كقوله تعالى: “…وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿83/ يونس﴾
بعد اتضاح معنى الشَّرَف والسّرَف نسأل عن معنى قول الإمام أمير المؤمنين (ع): “لَيْسَ في شَرَفٍ سَرَفٌ”.

الجواب: إن هذه الجوهرة الكريمة تعني أن التصرُّفات الكريمة والمُشَرِّفة لا يمكن أن تكون إسرافاً، فمهما بلغت فإنها لا تتجاوز الحدث المعقول، وبالتالي لا يمكن أن تكون مذمومة، ولا يكون فاعلها فاعلاً لأمر قبيح، بل هو ممدوح على كل حال، فالشخص الكريم الذي إن سُئِلَ أعطى بسخاء لا يكون مُسرِفاً بسخائه، لأن الكرم جزء من الشَّرَف، والشخص الجواد الذي يجود بما في يديه من دون أن يسأله الناس لا يكون مُسرِفاً بجوده لأن الجود جزء من الشَّرَف،  كذلك الحال في الشخص الشجاع فالشجاعة كلما قويت كان المتصف بها أكثر نُبلاً وشَرفاً، وهكذا الأمر في جميع الأفعال النبيلة والأعمال الصالحة فليس في الزيادة فيها سرَفٌ بل شَرَفٌ ورِفعة.

وعلى المرء أن تكون همته عالية في اكتساب الفضائل كلها، وألا يكتفي بذلك بل يعمل ليبلغ الأوج فيها، وفي تسييلها في سلوكياته وعلاقاته، ليكون الأشرف في الناس بسببها.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل