Search
Close this search box.

اِلزَم أربعةَ مُنجِيات

اِلزَم أربعةَ مُنجِيات

عنْ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عليه السلام): «اِلْزَمِ الْإِخْلَاصَ‏ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْخَشْيَةَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَالْعَدْلَ فِي الرِّضَا وَالسَّخَطِ»[1].

منْ مواعظِ الأميرِ الأخلاقيّةِ أربعةُ مُنجِياتٍ، فمَنِ التزمَها ولمْ يُفارِقْها، كتبَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ في عدادِ الفائزينَ بالكرامةِ يومَ الدينِ، وهيَ:

1. الإخلاصُ: بأنْ تكونَ نيّةُ العبدِ في كلِّ ما يقومُ بهِ خاليةً منْ أيِّ قصدٍ غيرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأهلُ الإخلاصِ همْ أصحابُ الحصانةِ منْ وساوسِ إبليسَ، قالَ تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾[2].

فأعظمُ نِعَمِ اللهِ أنْ يصلَ الإنسانُ إلى هذهِ الدرجةِ، الّتي يكونُ فيها سرُّهُ وعلانيتُهُ سواءً في قصدِ التقرّبِ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَا أَنْعَمَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اَللَّهِ غَيْرُهُ»[3].

وعاقبةُ الإخلاصِ تظهرُ يومَ القيامةِ بكرامةٍ إلهيّةٍ، فعنِ الإمامِ عليٍّ (عليه السلام): «إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً عَامَلُوهُ بِخَالِصٍ مِنْ سِرِّهِ، فَشَكَرَ لَهُمْ بِخَالِصٍ مِنْ شُكْرِهِ، فَأُولَئِكَ تَمُرُّ صُحُفُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فُرُغاً، فَإِذَا وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مَلَأَهَا لَهُمْ مِنْ سِرِّ مَا أَسَرُّوا إِلَيْهِ»[4].

2. الخوفُ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ: فالإنسانُ في سفرٍ بعيدِ المسافةِ، والخوفُ هوَ المعينُ، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «اِسْتَعِينُوا عَلَى بُعْدِ الْمَسَافَةِ بِطُولِ الْمَخَافَةِ»[5].

وعلامةُ الخشيةِ تظهرُ بالعملِ، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «لاَ يَكُونُ اَلْعَبْدُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً، وَلاَ يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلاً لِمَا يَخَافُ وَيَرْجُو»[6].

وعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ عَرَضَتْ لَهُ فَاحِشَةٌ أَوْ شَهْوَةٌ فَاجْتَنَبَهَا مِنْ مَخَافَةِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ اَلنَّارَ، وَآمَنَهُ مِنَ اَلْفَزَعِ اَلْأَكْبَرِ، وَأَنْجَزَ لَهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابِهِ، فِي قَوْلِهِ ِ تَبَارَكَ وتَعَالَى: ﴿وَلِمَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ جَنَّتٰانِ﴾[7]»[8].

3. القصدُ: وهوَ وضعُ المالِ في موضعِهِ، فلا يقعُ في الإسرافِ والتبذيرِ، ولا البخلِ والتقتيرِ، عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ أَعْطَى فِي غَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ أَسْرَفَ، وَمَنْ مَنَعَ مِنْ حَقٍّ فَقَدْ قَتَر»[9].

وفي دعاءِ الإمامِ زينِ العابدينَ (عليه السلام): «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاحْجُبْنِي عَنِ السَّرَفِ وَالِازْدِيَادِ، وَقَوِّمْنِي بِالْبَذْلِ وَالِاقْتِصَادِ، وَعَلِّمْنِي حُسْنَ التَّقْدِيرِ، وَاقْبِضْنِي بِلُطْفِكَ عَنِ التَّبْذِيرِ»[10].

ومنَ النتائجِ السيّئةِ الأخرى للإسرافِ والتبذيرِ، ابتلاءُ الفردِ والمجتمعِ بالفقرِ والحرمانِ؛ لأنَّ المسرفينَ يؤثِّرونَ سلباً على المجتمعِ برمّتِهِ، إثرَ إسرافِهِم وإهدارِهِم الثروةَ العامّةَ؛ أيْ إنَّهُم يحرمونَ الآخرينَ منَ استثمارِ هذهِ الثروةِ، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إنَّ السّرفَ يُورِثُ الفَقرَ، وَإنَّ القَصدَ يُورِثُ الغِنَى»[11].

4. العدلُ: هوَ حفظُ الحقوقِ ووضعُها في مواضعِها، عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ عَامَلَ اَلنَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ، فَهُوَ مِمَّنْ كَمَلَتْ مُرُوءَتُهُ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ، وَوَجَبَتْ أُخُوَّتُهُ، وَحَرُمَتْ غِيبَتُهُ»[12].

وعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُ اَلَّذِي إِذَا غَضِبَ لَمْ يُخْرِجْهُ غَضَبُهُ مِنْ حَقٍّ، وَإِذَا رَضِيَ لَمْ يُدْخِلْهُ رِضَاهُ فِي بَاطِلٍ، وَإِذَا قَدَرَ لَمْ يَأْخُذْ أَكْثَرَ مِمَّا لَهُ»[13].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص81.
[2] سورة ص، الآيتان 82 – 83.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج67، ص211.
[4] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ص224.
[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج74، ص440.
[6] الشعيريّ، جامع الأخبار، ص97.
[7] سورة الرحمن، الآية 46.
[8] الشيخ الصدوق، مَن لا يحضره الفقيه، ج4، ص14.
[9] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج66، ص261.
[10] الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الصحيفة السجّاديّة، ص138، الدعاء 30.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص53.
[12] الشيخ الصدوق، الخصال، ج1، ص208.
[13] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص233.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل