ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي نص الحوار الذي أجراه مع الكاتب والمتخصّص في الشؤون العسكريّة علي جزّيني حول وتيرة عمليات «حزب الله» بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصرالله وتفاصيل المعادلة التي أعلن عنها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم وهي عبارة عن معادلة إيلام العدو.
*نرى أن هناك وتيرة تصاعدية لعمليات حزب الله ضد الكيان الصهيوني بعد استشهاد السيد حسن نصرالله. كيف ترون وتيرة هذه العمليات نظرًا لتكثيفها خلال الآونة الأخيرة؟
منذ استشهاد الأمين العام لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصرالله، هناك تصاعد لعمليات حزب الله ضد الصهاينة بالنسبة للأرقام. بالنسبة للعمليات الصاروخية، نرى التصاعد الأكبر في قصف قواعد العدو والمستوطنات ردًّا على المجازر التي يقوم بها العدو بلا حسيب أو رقيب ضد المدنيين، وينعكس ذلك بشكل أساسي على عاملين اثنين: عسكري واجتماعي. في العمل العسكري، تضغط هذه الرشقات الصاروخية بشكل كبير على مخزون المعترضات الموجود لدى العدو الاسرائيلي، وهي معترضات – كالقبة الحديدية مثلًا – غالية الثمن، يتراوح ثمنها بين 80,000 الى 100,000 دولار للمعترض الواحد، ويتمّ إطلاق أكثر من معترض تجاه الصاروخ عادةً لاعتراضه. إذن هناك استنفاد كبير لقدرات العدو الصهيوني بالتصدي، ونرى بأنه مع تزايد الصواريخ وتقدّم الأيام؛ هناك ضربات أقسى للعدو، أي هناك كمية صواريخ أكبر تمرّ عبر دفاعات العدو، ما يدل على أن هذه الدفاعات مستمرّة ومنهكة، وصولًا لمرحلة معينة يمكن توقّعها بعد أسبوعين أو ثلاثة، أو ربما بعد شهر بالحد الأقصى، تُستنفد حينها معظم معترضات العدو وأنظمة الدفاع الجوي عنده خلال مدة قصيرة في التصدي لصواريخ المقاومة. إذن يبدو أن المقاومة قررت الدخول في حرب استنزاف طويلة؛ حفاظًا على المقدرات بعد الضربات الغادرة التي قام بها الإسرائيلي، تمهيدًا لكسره، نظرًا لأن العدو الإسرائيلي – كدولة نووية – من الصعب كسره بالضربة القاضية، وأفضل طريقة هي كسر إرادته المجتمعية، والعسكرية أيضاً، على الحرب، ومنعه من تحقيق أهدافه في هذه الحالة.
*برأيكم، نظرًا للعمليات العسكرية، هل استطاع حزب الله اللبناني إعادة ترميم هيكليته بعد استشهاد عدد كبير من قياداته العسكرية والسياسية، على رأسها السيد حسن نصرالله؟
بالنظر إلى العمليات العسكرية التي تجريها المقاومة، وهي في عدد كبير منها عمليات عسكرية معقّدة، كعملية استهداف مقصف جنود جولاني في حيفا مثلًا، حيث تم إلهاء الدفاع الجوي الإسرائيلي برشقة من الصواريخ قصيرة المدى؛ تمهيدًا لإرسال عدد من المسيّرات التي ضربت هذا المركز، وأدّت لأكثر من 100 قتيل وجريح من الجنود الإسرائيليين. نتحدث هنا عن تضافر عدة أذرع: ذراع الاستخبارات مثلًا، ثم تحليل المعلومة، ثم الذراع الصاروخية، والتنسيق فی النهاية مع ذراع المسيرات. إذن، نتحدث هنا عن عمل مركّب ومعقّد يحتاج لترميم، أي أن تكون سلسلة القيادة والسيطرة لدى المقاومة مرممة. بالتالي، يدل ذلك على أن المقاومة قد تعافت بنحوٍ كبير، طالما أنها قادرة على أن تقوم بهكذا أعمال. ونحن نتحدث أيضًا عن رشقات صاروخية تجاه تجمعات الإسرائيليين، ثم تتبّع كمائنهم، أو نتحدث عن تفجيرعبوات، وإطلاق رشقات صاروخية بعد ذلك. هذه العمليات تحتاج لتنسيق عالٍ، وقيادة، وسيطرة، وتحكّم مستمر من القيادة التي تحدد ظروف العمليات، وتعطي الأوامر للمقاتلين. إذن، يمكننا أن نستقرئ بالخلاصة أنّ هكذا عمليات تدل على تعافٍ كبير في منظومة القيادة والسيطرة عند المقاومة.
*قال الشيخ نعيم قاسم خلال خطابه الأخير أن حزب الله قرر الدخول في معادلة جديدة، وهي معادلة إيلام العدو. كيف تنظرون إلى هذه المعادلة التي تحدث عنها نائب أمين عام حزب الله؟ وما هي أبعادها؟
بالنظر إلى ما قاله الشيخ نعيم قاسم عن معادلة إيلام العدو، يمكننا أن نستقرئ بأنها معادلة تنتمي إلى ثلاثة مستويات رئيسية: مستوى عسكري، ومستوى اقتصادي، ومستوى اجتماعي سياسي. فمن الناحية العسكرية، يقوم الإسرائيلي بالتقدم مرارًا إلى قرى الحافة الأولى بعمليات تسلل أو ما شاكل، أي ليس هناك عمل برّي واسع حتى الآن، ويتم إيذاؤه وإيلامه خلال تقدّمه بشكل مستمر، وقد بدأت الشكاوى تظهر لدى الجنود الإسرائيليين في موضوع التنسيق، وموضوع إخلاء الجرحى، وموضوع الخسائر، بحسب ما يبدو من الإعلام الاسرائيلي. وعلى المستوى نفسه، يمكننا أن نشهد تصعيدًا في حال قرر الإسرائيلي التوغّل إلى مناطق ليست مكشوفة، لديك هنا مناطق الخط الأول من الحدود مثلًا، التي تعرضت أيضًا للقصف الإسرائيلي منذ حوالي السنة، وبالتالي يمكن أن نتوقع تنامي دفاعات المقاومة، وقيامها بواجبها في التصدي للعدو بشكل أكبر، في حال قرر التقدم للمحور الثاني. من جهة أخرى، على المستوى الاقتصادي، هناك توقّف كبير للأعمال في شمال فلسطين المحتلة، وهناك أيضًا حديث عن إخلاء صفد بشكل شبه كامل، وكذلك حيفا التي تتعرض للقصف المستمر، وهي تُعدّ مركزًا اقصاديًّا له ثقل رئيسي في شمال فلسطين المحتلة، تتجه أيضًا نحو الإخلاء.
هنا يجب أن ننظر إلى أي مدى سيتحمّل اقتصاد العدو الشمالي الخسائر في حال استمرّ في الفشل بالتقدم. ستبدأ هنا الأحاديث عن مقارنة الخسائر بالمكاسب، تمهيدًا للنقاش في إنهاء الحرب مثلًا. على المستوى الثالث (الاجتماعي السياسي)، نتحدث هنا عن تزايد الضغط في المستقبل، عندما لا يتمكن الإسرائيلي من تحقيق أهدافه في مساءلة الحكومة عن القتل الذي يتعرض له الإسرائيليون في لبنان، وفي حال لم يتمكن من التقدم، أو استمرّ القصف بالصواريخ، خاصةً أن ادعاءات الحكومة الاسرائيلية تؤكد أنّ منظومة القيادة والسيطرة لدى حزب الله تم تدميرها، أو أنّ مخزونه الاستراتيجي تم تدميره، وأنّ حزب الله لا يقاتل، عندما تنكشف أكاذيب هذه الدعاية الاسرائيلية؛ سيبدأ الحديث والضغط أكثر على الحكومة لإنهاء الحرب، نظرًا لأن الخسائر تتعدى المكاسب بشكل كبير.