نرجس عربيد
اشتاقت أرواحنا لصوته وإطلالاته التي كانت تشدّ عزمنا دائماً، وتبهج نفوسنا. تمنيتُ لو أنّ له فرصةً من العلياء ليُحدّثنا مجدّداً، فطرحتُ أسئلةً ووجدت إجاباتها في خطاباته السابقة، في حوار افتراضيّ… كأنّما يعقوبنا شمّ فيه ريح يوسف الأخيرة.
* في أيّ مرحلة نحن الآن؟
كما قلت سابقاً، نحن منذ الثامن من تشرين الأوّل/ أكتوبر وإلى اليوم، قبلنا هذا التحدّي، وأعيد وأقول لنتنياهو ولكيان العدوّ: «لن تستطيعوا أن تعيدوا سكّان الشمال إلى بيوتهم، وافعلوا ما شئتم، وسنبقى في مرحلة الإسناد لجبهة غزّة والدفاع عن وطننا إلى حين وقف العدوان على البلدين»(1).
* إلى أيّ حدّ نقترب من النصر؟
«الانتصار قد يعني تعطيل الأهداف الأساسيّة للعدوّ. وعندما تتمكّن المقاومة من منع العدو من تحقيق أهدافه تكون قد انتصرت»(2). «وما نبحث عنه هو النصر، والحمد لله لا يوجد في جبهتنا أيّ إشارة ضعف أو وهن، ومعنويات المجاهدين في كلّ الجبهات عاليّة وقويّة وصامدة»(3). «وكما قلنا بالنسبة إلى العمليّة البريّة الواسعة، فالمقاومة ستريهم أشدّ بأسنا على الحدود، والدخول البريّ على لبنان لن يكون نزهة، بل نقول للأعداء: سيختبر جنودكم الجحيم»(4).
* تأتي توصيّات من العلماء الربانيّين بالدعاء والإلحاح فيه حال الحرب، هل توصون بذلك أيضاً؟
«إنّ ما يجري في غزّة من قتل وتدمير يوميّ وجوع وتشريد وخوف وقلق وفي جبهة أخرى صمود وقتال ومواجهة يجب أن يحثّنا على الدعاء. وما يجري عندنا في جنوب لبنان وسوريا وفي المنطقة يجب أن يحثّنا على الدعاء. في كلّ تحدّياتنا الدعاء موجود. وهذا جزء من حياتنا وسلوكنا. واليوم نحتاج إلى الدعاء؛ لأنّه عندما نرمي فإنّ الله يسدّد وينصرنا. ومن المهم التوجّه إلى الله بالدعاء للمجاهدين أيضاً في كلّ الجبهات، الذين يقاتلون في ظروفٍ استشهاديّة صعبة، وهم معرضون للشهادة في كلّ لحظة»(5).
* كيف نحتمل الأثمان التي تُدفع والتضحيات؟
«انظروا جيداً في تجربة المقاومة؛ لأنَّ الناس شاهدوا ثمار التضحيات، عندما قدّموا فلذات أكبادهم وشاهدوا أمام أعينهم ثمار الدماء الزكية تحريراً للأرض، وتحريراً للأسرى، وأمناً وسيادةً وكرامةً وعزةً، ارتفع لديهم الاستعداد لمزيدٍ من التضحية، لذلك في مسألة المقاومة كثيرٌ من أبناء شعبنا يدعمون ويؤيدون ويعلنون استعدادهم لتحمل التبعات والتضحيات، لماذا؟ لأنّهم وثقوا بالمقاومة وبقدرتها على الإنجاز وعلى صنع الانتصار»(6). «الأساس هو ارتباط رجائنا بالله (…)، هذا يجسّد ثقافة كربلاء في الشدائد. إنّ أكثر وقت اقتربت فيه من كربلاء من أي وقت مضى وفهمتها هو في حرب تموز 2006م. كان أهلنا يُهجرون ويخرجون من بيوتهم، وكانت البلاد تُدمّر وتُقصف، لدينا شهداء وجرحى وتهديد بالسحق تبلّغناه رسميّاً، في حال لم نقبل إعادة الأسيرين بلا قيد وبلا شرط، وتسليم سلاح المقاومة وقبول بقوّات متعدّدة الجنسيّات مُحتلّة. يومها حضر فينا وفي عقولنا وقلوبنا وعواطفنا وأرواحنا أكثر من أي زمن مضى معنى: (ألّا إنَّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة). انتصرنا في تموّز رغم كلّ التضحيات حيث كان الحسين عليه السلام حاضراً»(7).
* بمَ توصينا؟
«أوصيكم أن يكون إيمانكم بقيادة سماحة السيّد الخامنئي دام ظله مُحكماً وقويّاً من أجل خير دنياكم وآخرتكم»(8).
«وأتوجه إليكم جميعاً بالشكر، وأنتم تعبّرون اليوم كما كنتم تعبّرون على مدى 40 عاماً عن وفائكم عن إخلاصكم وعن صدقكم وعن ثباتكم، لم يمنعكم عن ذلك لا حربٌ ولا قتالٌ. اليوم نجدد بيعتنا وعهدنا وميثاقنا مع سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ونقول له: يا سيدنا وإمامنا، نحن باقون معك، وفي طريقك، نلبّي نداءك، نحمل رايتك، نحفظ إسلام جدّك الذي استشهدت من أجل بقائه وحفظه، ندافع عن عزّة أمّتنا التي استشهدتَ من أجل أن تبقى عزيزةً، فلا يذلّها عالمٌ مليء بالطواغيت. نحن اليوم ومن ميادين الجهاد، رجالاً ونساءً وشيباً وشباناً وصغاراً وكباراً، نجدّد لك يا أبا عبد الله، عهدنا وبيعتنا وصدقنا وإخلاصنا والتزامنا في هذا الطريق، الذي لن نتخلى عنه مهما كانت التضحيات»(9).
«اذكروني في دعائكم، وأنا شخصيّاً لن أنساكم من الدعاء إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»(10).
(1) مقتبس من كلمة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) بتاريخ: 19/9/2024م.
(2) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 24/6/2017م.
(3) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 29/4/2024م.
(4) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 19/9/2024م.
(5) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 29/4/2024م.
(6) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 10/9/2019م.
(7) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 31 /7/202م.
(8) قصاصة مصوّرة من توصيّة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 1430ه/ 2009م.
(9) من كلمة لسماحته (رضوان الله عليه)، بتاريخ: 9/8/2022م.
(10) ختام خطابه في ليلة العاشر 2024م.