لقد أشارت الآيات القرآنية إلى أهمية التصور والفَهم كشرط لِتَقَبُّل العلم وفهمه فَهماً دقيقاً والاستفادة منه، ففي القرآن الكريم عشرات الآيات التي تحثُّ على التَّفكر كشرط أساسي وضروري للعلم، لأنه يجمع بين التَّصوُّر والفَهم
كما لا يثمر الزَّهر إلا بالتلقيح، كذلك العلم لا يستقرُّ في الذهن ولا ينمو ولا يُثمر إلا إذا حصل اللقاح بين التَّصَوِّر وهو إدراك الأمور على نحوٍ واضح، بحيث يمكن للإنسان تكوين صورة ذهنية صحيحة عن الموضوع أو المسألة العلمية، والفَهم وهو العملية التي تلي التَّصَوُّر، حيث يتَعَمُّق الإنسان في ما تصَوَّره، ويتفحصه بدقة ليصل إلى إدراك معناه وجوهره، بالتالي، التَّصَوُّر والفَهْمُ هما بمثابة اللقاح الذي يُمكّن الإنسان من الوصول إلى عمق المعرفة وإدراك معانيها وتطبيقها.
إن جوهرة الإمام أمير المؤمنين(ع) تتضَمَّن معاني عميقة تبيّن أهمية العلم والتفكُّر في العملية التعليمية، فالعلم يحتاج إلى وسائل تُمكن الإنسان من إدراكه وتصوره بشكل صحيح، ومن ثَمَّ فهمه وتطبيقه، التصور والفهم هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يُبنى عليهما العلم، ومن دونهما معاً يصير مجرَّد معرفة سطحية لا تُسهم في بناء وعي الإنسان.