تُعدّ الأخلاق من القيم الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر في حياة الإنسان، فهي تمثل انعكاساً لشخصيته وسلوكه في المجتمع، وهي الشرط الأهم لانتظام العلاقات الاجتماعية.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ ساءَ خُلْقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ”.
تُعدّ الأخلاق من القيم الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر في حياة الإنسان، فهي تمثل انعكاساً لشخصيته وسلوكه في المجتمع، وهي الشرط الأهم لانتظام العلاقات الاجتماعية، بل كل علاقة للإنسان، من علاقته بخالقه، إلى علاقته بنفسه، ومجتمعه، والطبيعة التي يعيش في كنفها ويحصل على حاجاته المختلفة منها، فإذا حَسُنَت أخلاق الفرد والمجتمع ارتاح واطمأن واستقام عيشه، وإذا ساءت أخلاقهما ضاقت عليهما الحياة بما رَحُبَت، واستبدلا السَّعة بالضيق، والراحة بالتعب، والطمأنينة بالخوف والقلق، والتواصل بالتدابر، والمحبة بالعداوة، والتعاون بالتنافر.
في هذا السياق تأتي هذه الجوهرة العلوية الكريمة لتُنَبِّه إلى معادلة تشير بمنطوقها إلى أن سوء الخُلُق ليس فقط سبباً في إيذاء الآخرين، بل هو أيضاً سبب في معاناة الإنسان نفسه، وتشير بمفهومها إلى العكس تماماً وهو أن حُسنَ الخُلُق ليس فقط سبباً في انتظام العلاقة مع الآخرين إراحتهم وإسعادهم، بل هو سبب أيضاً في طمأنينة الشخص ذاته وراحته وسعادته.
ما هو سوء الخلق؟
سوء الخلق يُقصد به التصرفات والسلوكيات التي تتسم بالجفاء، والغلظة، وعدم احترام الآخرين، والإساءة إليهم قولاً أو فعلاً، ويتجلّى سوء الخلق في صفات عديدة: مثل الغضب المُفرط، وردود الفعل العنيفة وغير المتزنة، والأنانية التي تتجلَّى في تقديم المصلحة الشخصية على حساب الآخرين، والكذب والنفاق وتشويه الحقيقة وخداع الناس، والحسد والغَيرة وتمَنِّي زوال النعمة عن الآخرين، والاستعلاء والتكبر على الآخرين والاستخفاف بهم والنظر إليهم بازدراء، وسوى ذلك من المساوئ الأخلاقية التي يقرر العقل السَّوِيُّ والفطرة الإنسانية السليمة قبحها.
ومِمّا لا شكَّ فيه أن لسوء الخُلُق آثار سلبية خطيرة على الفرد نفسه وعلى المجتمع.
أما آثاره على الفرد فإن الإنسان الذي يتّصِف بسوء الخلق يعاني من اضطرابات داخلية، مثل التوتر الدائم والقلق، لأنه يعيش في صراع دائم مع محيطه، وقد رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: “سُوْءُ الخُلُقِ نَكَدُ العَيْشَ” أي أن سوء الخلق يجعل حياة الإنسان مليئة بالتعاسة والمشكلات، كما أن الشخص الذي يسيء إلى الآخرين يفقد محبتهم واحترامهم، مما يؤدي إلى عزلته الاجتماعية، قال النبي الأكرم (ص): “إنَّ مِنْ شَرِّ الناسِ عندَ الله منزلةً يومَ القيامةِ مَنْ تَرَكَه الناسُ اتِّقاءَ شرِّهِ”.
ومن آثار سوء الخلق على الفرد تأنيب الضَّمير، فقد يشعر الشخص الذي يتصف بسوء الخلق بالذنب وتأنيب الضَّمير بسبب أفعاله السيئة، مِمّا يزيد من معاناته النفسية.
أما آثاره على المجتمع فكثيرة لكن أهمها أنه يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية والتباغض بين الناس، واستحكام العداوة، ونشوء خلافات وصراعات، وفقدان الأمان الاجتماعي، وانتشار الريبة بين الأفراد، وفقدان الثقة فيما بينهم، والتعدّي على بعضهم، وذهاب الحقوق، والتخلُّف عن الواجبات الزوجية والأسرية والعائلية والاجتماعية.
خلاصة القول: الأخلاق الحَسَنَة ليست مجرد تصرفات تُرضي الآخرين، بل هي طريق إلى السعادة والراحة النفسية، وسوء الخلق يُعذب صاحبه قبل أن يُؤذي مَن حوله، لذا فإن العمل على تحسين الخُلُق ضرورة لكل إنسان يسعى للنجاح في الدنيا والفوز في الآخرة. قال رسول الله (ص): “أَكْمَلُ المُؤْمِنِيْنَ إِيْماناً أَحْسَنُهُمْ أَخْلاقاً”، مِمّا يُبَيِّنْ أن الأخلاق هي مقياس الإيمان وميزانه.
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي