في سورة الكوثر المباركة، قد منّ الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم (ص) على أنه أعطاه “الكوثر” ليوحي له بأن من يجرح مشاعره بلسانه هو عقيم.
وتزوج النبي الأكرم (ص) من السيدة خديجة (س) عندما بلغ ثلاثة عقود من العمر، وكانت ثمرة هذا الزواج أولاد عدة ومن هؤلاء الأبناء السيدة فاطمة الزهراء (س) التي كان مولدها المبارك في السنة الخامسة من البعثة النبوية الشريفة.
وخلال السنة الرابعة والخامسة من البعثة النبوية الشريفة عندما أعلن النبي (ص) عن الدعوة اشتدت حرب قريش على النبي (ص)، وبعد أن توفي أبناء النبي ومحمد (ص)، قاسم وعبد الله، فرح الأعداء وقالوا أنه لم يعد له ذرية”.
كما أن “عاصم بن وائل السهمي”، الذي كان أحد المستهزئين بـ رسول الله (ص)، وكان يستغلّ كل فرصة ليضطهد المسلمين، كان يتخذ من وفاة أبناء الرسول (ص) ذريعة ليطلق عليه لقب “الأبتر”.
إن العرب کانون لايهتمون بالفتيات ولا يعتبرون أبناءهنّ جزءا من جيلهم. وسرعان ما انتشر هذا الاستهزاء والتباهي لـ”عاص بن وائل سمهی” بحیث أدّى إلى حزن النبي(ص) وكان له أثر سلبي على معنويات المسلمين.
وفي هذا الوقت قام القرآن الكريم بمواساة النبي (ص) ومواجهة دعاية قريش الشريرة، ونزلت لهذا الغرض سورة الكوثر المباركة وفي هذه السورة منّ الله تعالى على رسول الله (ص) و أعطاه “الكوثر” تشجيعاً له وإبلاغه بأن من يؤذيه هو الأبتر.
إِنَّا أعطيناك الكوثر
فصلِّ لرَبِّكَ وَانْحرْ
إِنَّ شَانّيَكَ هوَ الْابْتَرُ
يقول الفخر الرازي مفسر القرآن الكريم الكبير في تفسير هذه السورة: “معنى السورة هو أن الله يهب للنبي (ص) نسلاً يبقى على مرّ الدهر، فأنظر كم قُتل من أهل بيته (ع)، والدنيا مملوءة بذرية رسول الله (ص) ولا يعدله أحد من بني أمية في هذا الشأن، وانظر أيضاً كيف من سلالة النبي (ص) علماء كبار مثل الإمام الباقر (ع) والإمام الصادق (ع) والإمام الكاظم (ع) والإمام الرضا (ع).
والولد الذي استمر به نسل رسول الله (ص) هو السيدة فاطمة الزهراء (س) وبعد زواجها من الإمام علي بن أبي طالب (ع) أنجبت هذه الفتاة العزيزة أولاداً مثل الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما سيدا شباب أهل الجنة. لكن ابنة رسول الله (ص) كانت قصيرة العمر، وقد لحقت بأبيها الكريم في السنة الحادية عشرة للهجرة، بعد وفاة النبي (ص) بثلاثة أشهر أو ستة أشهر.