السيد وديع الحيدري
يُطلق على بعض الأشخاص في مجتمعنا ومحيطنا الذي نعيش فيه بأنهم حسينيون ، فمن هو العاشورائي والحسيني في الواقع ؟
هل هو الذي يقيم مجالس العزاء ، أو الذي يخدم فيها بلا رياء ، أم الذي يجيد الرثاء ، أو كثير البكاء ، أو الذي يمشي إلى كربلاء ؟
مما لا شك فيه ولا ريب يعتريه أن لكلٍ من هؤلاء نصيبه من الثواب وحسن المآب إذا أخلص العمل لرب الأرباب ، ولكن ، هل هذا هو العاشورائي والحسيني فعلاً ؟
فالألقاب لا تعطى هكذا مجاناً ، فكيف بمن يُنسب إلى ذلك الطود الشامخ والجبل الراسخ ، الذي بذل كل ما عنده ، بل أغلى ماعنده في سبيل الله لكي يحيي دين جدّه ، ويعيد الإسلام إلى مجده ، ويوقف الباطل عند حدّه .
ألا ينبغي للذي يُنسب إلى مثل هذه الشخصية العظيمة أن يكون على نفس ذاك النهج وذاك المسار؟
فهل تجد مواساةً وانتصاراً للمبادئ والقيم التي نهض من أجلها الإمام الحسين عليه السلام وقدّم في سبيلها أعز ما يملك من خيرة أهل بيته وأصحابه أفضل مما قام به الإمام الخميني قدّس سرّه مع هذه الأمّة في مقارعة الظالمين وترسيخ دعائم الإسلام وتثبيت حاكمية الدين ؟
أو ما قدّمه ويقدّمه اليوم سماحة السيد القائد الخامنئي دام عزه في هذا السبيل ، وفي إدارة ساحة الجهاد والصراع القائم ضد الصهيونية العالمية ، وضد أئمة الكفر والنفاق وأذنابهم وأشياعهم في هذه الرقعة الواسعة من الأرص .
وكذلك ما قام به سماحة المرجع السيد السيستاني دام ظله في مواجهة الحملة التكفيرية من خلال موقفه الشجاع وفتواه الخالدة التي حركت الجماهير للذب عن ارضهم ومقدساتهم .
أم هل تجد أحسن مما يقوم به حزب الله لبنان وأمثاله في دفاعهم عن المقدسات امام هذه الهجمة الاستكبارية والصهيونية والوهابية التكفيرية التي لم يزل هدفها ضرب الإسلام والمسلمين في كل مكان ؟
فهل يستطيع أن يزايد عليهم أحد ممن يدعي المشي على خطى الحسين عليه السلام ؟ فهم يشتركون مع الآخرين في ندبهم ورثائهم وبكائهم وعزائهم وكل ما يتعلق بهذه الشعائر ، لكنهم يمتازون عنهم بأن الله سبحانه وتعالى قد فتح لهم باباً آخر لم يفتحه إلّا لخاصة أوليائه ، وهو باب الجهاد بكل اشكاله .
فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال :
(أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه) .
وروي عنه عليه السلام أيضاً أنه قال :
(فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان ، إمام هدى أو مطيع له مقتدٍ بهداه) .
وروي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنه قال : (إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه) .
فهكذا تكون المواساة ، وهكذا يطلب بالثأر ، وهكذا يكون التأسي ، وهكذا يعود الحق المغصوب إلى أهله وإلى نصابه ، وهكذا يصدق ما ندّعيه للإمام الحسين عليه السلام في الفقرة من زيارة عاشوراء التي نخاطبه بها في كل يوم :
(إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم إلى يوم القيامة) .
وهكذا تتوفر الشرائط وتُزال الموانع وتتهيأ الارضية لظهور صاحب العصر أرواحنا فداه ، وكما قال سماحة الإمام الخامنئي دام ظله :
(لو كنّا جميعاً عاشورائيين لتحركت الدنيا نحو الصلاح بسرعة، ولتهيأت الأرضية لظهور ولي الله المطلق).