السؤال: ما رأيكم بشأن التقويم المحمّدي وموضوع شهر رمضان فيه؛ حيث بدأ مثلًا في أوائل ربيع الثاني من سنة 1447 هـ المصادف 16/10/2025 تشرين الأوّل لسنة 2025 م حسب هذا التقويم الذي صنعه أحد المعاصرين؟

الجواب: من الأمور الواضحة الثابتة أنّ المدار في الصيام على التقويم الهجري، الذي هو غير ثابت ويتغيّر على مرّ السنين بنقصان أحد عشر يومًا عن التاريخ الميلادي، وبذلك يتبدّل الشهر بين الفصول الأربعة.

وهذا الأمر واضح ومسلّم به تاريخيًا وفقهيًا، لكن عندما يشكّك فيه، فإنّنا مضطرون للاستدلال على ذلك بالروايات، فنقول:

1 ــ المدار على التاريخ الهجري الناقص عن التاريخ الميلادي:

يمكن الاستدلال على ذلك بما ورد في مجموعة من الروايات التي يأمر فيها الإمام بكيفية معرفة الشهر عندما تكون هناك غيوم في السماء، حيث يجعل الفارق بين سنة وأخرى خمسة أيام من الأسبوع، وذلك لأنّ السنة الهجرية مقدارها 354 يومًا فتكون 50 أسبوعًا ويزود 4، فالإمام يأمر بصوم اليوم الخامس.

(الكافي للشيخ الكليني 4: 81) قال: «عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن إبراهيم الأحول، عن عمران الزعفراني، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): إنّا نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا ترى شمس ولا نجم فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعدّ خمسة أيام وصم اليوم الخامس».

ولو كان الصوم ثابتًا على مدار السنين، لكان الفارق بين سنة وأخرى يوم واحد، فإنّ السنة الميلادية مقدارها 365 يومًا وهي 52 أسبوعًا والزائد يوم واحد.

2 ــ المدار على الرؤية:

من الواضح أنّ عدد شهور السنة 12 شهرًا، وبذلك صرّح القرآن والإمام جعل المدار على الرؤية، والروايات بذلك كثيرة، منها: (من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق 2: 123): روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي والتظنّي، وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ينظرون فيقول واحد منهم: هو ذا، وينظر تسعة فلا يرونه، ولكن إذا رآه واحد رآه ألف».

روى الفضل بن عثمان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «ليس على أهل القبلة إلاّ الرؤية، وليس على المسلمين إلاّ الرؤية».

القاسم بن عروة، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «الصوم للرؤية، والفطر للرؤية، وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون».

محمد بن قيس، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «إذا رأيتم الهلال فأفطروا، أو شهد عليه عدل من المسلمين، وإن لم تروا الهلال إلاّ من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ليلة ثمّ افطروا».

الحلبي، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «إن عليّاً(عليه السلام) كان يقول: لا أجيز في رؤية الهلال إلاّ شهادة رجلين عدلين».

وسأله سماعة عن اليوم في شهر رمضان يختلف فيه، قال: «إذا اجتمع أهل المصر على صيامه للرؤية فاقضه إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان».

ومن الواضح أنّ الإمام جعل المدار عن الرؤية دون إضافة شهر كل ثلاث سنين، وبذلك يثبت أنّ السنة تتغيّر بمقدار أحد عشر يومًا.

3 ــ الأسير الذي لا يعرف شهر رمضان:

فإنه يصوم شهراً واحدًا حسب ظنه، فلو كان شهر رمضان ثابتًا في كل سنة لعرفه من جهة الحرارة والبرودة، أو من خلال مكان شروق الشمس، أو ما شاكل ذلك من العلامات الثابتة.

(في من لا يحضره الفقيه 2: 126) قال: «رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو؟ قال: يصوم شهراً يتوخى ويحسب، فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزئه، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه».

4 ــ الروايات التي تذكر يوم الشكّ:

فلو كان الصوم ثابتًا، فلا معنى لتلك الروايات.

5 ــ ما ورد في صوم يوم الغدير:

حيث يسأل السائل الإمام عن أي يوم من أيام الأسبوع كان يوم الغدير، فيقول له الإمام: «إن الأيام تدور! فلا معنى للسؤال عن اليوم، وإنما عليه أن يحفظ أنّه يوم الثامن عشر من ذي الحجّة».

(في من لا يحضره الفقيه 2: 90) قال: وروى الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن وأعظمهما وأشرفهما. قلت له: فأي يوم هو؟ قال: هو يوم نصب أمير المؤمنين(عليه السلام) علماً للناس. قلت: جعلت فداك وأي يوم هو؟ قال: إن الأيام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة. قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن وتكثر فيه الصلاة على محمد وأهل بيته عليهم السلام، وتبرأ إلى الله عزّ وجلّ ممّن ظلمهم حقّهم. فإنّ الأنبياء(عليهم السلام) كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدًا. قلت: ما لمن صامه منّا؟ قال: صيام ستين شهرًا، ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب، فإنّه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوّة على محمد(صلّى الله عليه وآله)، وثوابه مثل ستين شهرًا لكم».

6 ــ ما ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في التغير الموسمي للصوم:

إنّ الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة، وهذا يدل على أنّ الصوم يتغيّر بين الشهور بحيث يصبح مرّة في الشتاء ومرّة في غيره، ولو كان الصوم ثابتًا في الشتاء أو الصيف فلا معنى للقول بأنّه الغنيمة الباردة.

7 ــ التباين في درجات الحرارة لشهر رمضان:

ورد أنّ شهر رمضان كان في أيام الحرّ، وهو بخلاف ما يدّعى من أنّه في الشهر الحادي عشر وهو شهر معتدل، فعن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في شهر رمضان في حرّ شديد حتى أن كان أحد ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ.

*مركز الأبحاث العقائدية

للمشاركة:

روابط ذات صلة

السؤال: ما هو مدى تأثير الأبراج على حياة الإنسان او كما يُعرف بـ قراءة الطالع في الصحف والبرامج التلفزيونية، وما مدى صحتها وهل ورد مثل هذا عن الأئمّة المعصومين "عليهم السلام" كما مشهور كراهة الزواج والقمر في برج العقرب وأنّه يجلب النحس وعدم التوفيق ؟
هل نحاسب على أفكارنا السّيّئة؟
السؤال : القرآن الكريم يقول: {وَاللَّهُ يُعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، والتي تعني أنّه لا يستطيع أحدٌ من البشر التأثير على النبيّ (ص) بأيّ طريقة من الطُّرق، ثم يأتي الشيعة ويقولون: (النبيّ مات مسمومًا)، أين ذهبت العصمة إذًا؟
السؤال: كيف نجمع بين هاتين الروايتين: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم، وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء. والرواية الثانية: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : وإن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم، وزينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة من علي (عليهما السلام) ؟
السؤال: هناك اشكال طرحه احد الحداثويين يقول فيه : خطاب موجه للشيعة الامامية الاثني عشرية انكم تدعون ان عقيدتكم هي الحق وانكم تمثلون الدين الصحيح وانكم تتبعون القرآن وعترة نبيكم مع كل هذا الادعاء نجد ان علمائكم قد اختلفوا في كثير من المسائل العقائدية والفقهية والسياسية و… الى آخره فأي مذهب هذا يمثل الحق مع هذه الاختلافات الفكرية الكبيرة في داخل مذهبكم؟

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل