سؤال : في بعض الروايات أنّ حضرة الحجّة بن الحسن عليه السلام عند ظهوره «يقوم ب …

السؤال:

في بعض الروايات أنّ حضرة الحجّة بن الحسن عليه السلام عند ظهوره «يقوم بدين جديد» أو «بأمرٍ جديد»، بل ورد في بعضها أنّه «لا يعمل بسيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله».
ومن جهة أخرى، تضافرت النصوص القطعية على أنّ النبيّ الأكرم والأئمّة المعصومين عليهم السلام مأمورون باتّباع الوحي الإلهي وتنفيذ أحكام الله، وأنّ سيرتهم قائمة على العدل والفطرة.
فكيف يُتصوَّر ـ والحال هذه ـ أن يأتي الإمام المهدي عليه السلام بدين غير دين النبيّ صلّى الله عليه وآله، أو أن يختلف في المنهج والسيرة عن سائر الأئمّة المعصومين؟

الجواب : 

إنّ حلّ هذه الشبهة، والجمع بين مجموع الروايات الواردة في الباب، يتوقّف على الالتفات إلى اختلاف الظرف التاريخي والعقلي للأمم.

فالنبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، وكذلك الأئمّة السابقون عليهم السلام، كانوا ـ بنصّ الحديث الشريف ـ مكلَّفين بأن يحدّثوا الناس على قدر عقولهم، كما ورد:

«إِنّا مَعاشِرَ الأنبِياءِ أُمِرنا أن نُكلِّمَ النّاسَ على قَدْرِ عُقولِهِم».

وعلى هذا الأساس، كانت الأحكام الإلهية تُبيَّن وتُنفَّذ بما ينسجم مع سعة إدراك المجتمع وقدرته على التحمّل.
وفي عصر الغيبة الكبرى، أُنيط بالفقهاء أن يستنبطوا الأحكام الشرعية من ظواهر الكتاب والسنّة، وأن يديروا شؤون المجتمع الديني ضمن هذا الإطار.

خصوصية عصر الظهور

أمّا في زمن الظهور المبارك، فتؤكّد الروايات أنّ العقل الإنساني يبلغ مرحلة الكمال، وتتهيّأ النفوس البشرية لفهم الحقائق على مستواها الفطري العميق.
وفي هذا السياق، يحكم الإمام المهدي عليه السلام بحقيقة الأحكام وملاكها الواقعي، لا بمعنى الخروج عن شريعة النبيّ، بل بمعنى إزالة الأعراف السطحية والتطبيقات المشوّهة التي راكمتها عصور الغيبة، والتي لا تنسجم مع العدل الإلهي الخالص.

ومن هنا، فإنّ التعابير الواردة في الروايات من قبيل: «دين جديد»، «أمر جديد» و«يحكم بعلمه» لا تعني إنشاء شريعة جديدة أو نسخ الدين الإسلامي، بل تشير إلى تحقّق الدين الإلهي الفطري في أتمّ مراتب ظهوره.

الدين الفطري والعدل المطلق

تشير بعض الروايات إلى أنّ الأنبياء السابقين لم يُؤذن لهم بنشر جميع معارف الفطرة، لعدم استعداد الناس لتحمّلها، أمّا في دولة الإمام المهدي عليه السلام، فإنّ اكتمال العقول يفتح المجال لتطبيق العدل المطلق وإظهار الدين الفطري في صورته الكاملة.

وهو عين ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

فالدين القويم واحد لا يتعدّد، لكنّ مراتبه في الظهور والتطبيق تختلف باختلاف قابلية الإنسان واستعداد المجتمع.

النتيجة

يتّضح ممّا تقدّم أنّ دين الإمام المهدي عليه السلام هو نفس دين النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، دون أي زيادة أو نقصان.
غير أنّ الفرق الجوهري يكمن في أنّ هذا الدين، في عصر الظهور، يُطبَّق على مستوى الفطرة والباطن، لا على مستوى الظاهر وحده، وذلك لأنّ البشرية تكون قد بلغت من النضج العقلي والعلمي ما يمكّنها من تحمّل هذه المرتبة العليا من العدل الإلهي.

المصدر: مستفاد من الفصل السابع عشر من كتاب (ظهور نور) ص 342.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

هل اشترى الإمام الحسين عليه السلام المكان الذي استشهد فيه؟
السؤال: لماذا تُمطر بلاد الكفّار بغزارة، بينما بلاد المسلمين تعاني الجفاف
هل هذه الرواية صحيحة:سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن تأويل " لا حول ولا قوة إلا بالله "هل هذه الرواية صحيحة:فأجاب بالتالي: " لا حول عن معصيته إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بعونه "؟هل هذه الرواية صحيحة:سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن تأويل " لا حول ولا قوة إلا بالله "هل هذه الرواية صحيحة:
السؤال/ سبب خروج الإمام الحسين عليه السلام؟
السؤال/ هل صحيح ان جبرائيل عليه السلام قال في يوم معركة أحد لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار؟

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل