السؤال: قبل اغترابي لغرض الدراسة في أمريكا، كنت أعتقد أني متعلق بالله تعالى وأهل البيت (ع), فكنت أقيم صلاة الليل وزيارة عاشوراء وغير ذلك.. وبعد سفري ابتعدت شيئا فشيئا عن ذلك الخط، حتى تهت في بحر الشهوات واللذات، حتى ابتلاني الله تعالى ببلاء عظيم، لا أظن أني أفارقه حتى الممات!.. وها أنا الآن نادم على ما صار، ولكن تبعات الذنوب المادية أحاطت بي!.. سمعت عن الانتقام الإلهي لأولئك الذين منّ الله عليهم بالقرب فابتعدوا.. فالسؤال هو: بعد أن أصابني الله تعالى بانتقامه، كيف لي أن أرجع إليه؟.. وكيف أصرف ما أصابني منه؟..

الجواب: لا بد لمن ينوى الهجرة والاغتراب إلى مثل هذه البلاد من أن يكون في أعلى درجات الحذر، لئلا يفقد ما عنده من مزايا القرب من مولاه؛ فإن المغتربين على أقسام ثلاثة:

فقسم يرجع ممسوخا بحيث لا يرى للمنكر قبحا أبدا.. وهى درجة خطيرة من الانقلاب على الأعقاب!..

وقسم يرجع كما كان قبل اغترابه.. فمثله كمثل من سبح عكس التيار، ولكن راوح في مكانه من دون أن يتقدم خطوة للأمام أبدا.. وهذا صنف مغبون وإن لم يكن خاسرا، ولا شك أن العاقل لا يصرف عمره فيما لا يحرز له تقدما في دار الخلود!..

وهناك صنف آخر رجع بأعلى المكاسب، وذلك من خلال المجاهدة المستمرة لصور المغريات، فعاشوا فيها أياما قصيرة، عبروا من جسر الشهوات الرخيصة ليصلوا إلى بر الأمان، وأي أمان؟!.. حيث الإحساس بالأنس الدائم، وتذوق حلاوة مصاحبة الحق.. ومن المعلوم أن هذه الرتبة هي الرصيد الذي سيبقى معهم أبد الآبدين.

وخير ما يقدح الهمة في النفوس: هو الجلوس مع من تقدم بهم السن في تلك البلاد، حيث انقضت أيام اغترارهم لينظروا خلفهم إلى الماضي البائس الذي لم يبق منه إلا ذكريات فاترة، لا تسمن ولا تغنى من جوع، أوليس في هذا بلاغ لمن ادّكر؟!.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

السؤال: ما مبرّرات استمرار الحاجة إلى الدين في ظل تطوّر العلوم الحديثة؟
السٶال: ما هو تفسير قول الإمام الرضا "عليه السلام" لمّا سُئل عن المشيئة، قال -: المشيئة : الاهتمام بالشيء، والإرادة: اتمام ذلك الشيء ؟
السؤال: هل هذه الآية توجب اليأس: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُون}؟ هل هذا استفهام استنكاري يستنكر فيه الخالق جلّ وعلا ما يتوهّمه البعض من غفران الذّنوب جميعها وجعل حياتهم سهلة لا نكد فيها؟.. فقد ارتكبتُ ما ارتكبتُ وتبتُ وحججتُ بيت اللّٰه الحرام، ومنذ ذلك الحين وأنا قد انتقلتُ إلى الضّفّة الأخرى البيضاء، وأعيش عالَماً مختلفاً عمّا كنتُ فيه.. ولكنْ قراءة هذه الآية يؤرقني ويعذّبني ويبكيني.. فهل أنا على صواب أم على خطأ؟..
سورة الحشر، آية 18، صفحة 584 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ . لماذا تكررت واتقوا الله في نفس الآية؟
السؤال: في بعض الروايات أنّ الإمام الحجّة عليه السلام عند ظهوره «يقوم بدين جديد». فكيف يُتصوَّر أن يأتي بدين غير دين النبيّ صلّى الله عليه وآله؟

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل