كتب الامام الحسين (ع) كتاباً الى شيعته في الكوفة وعلى رأسهم سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وجماعة من الشيعة بالكوفة وبعث به مع “قيس بن مسهر الصيداوي”.
لما قارب “قيس بن مسهر الصيداوي” من دخول الكوفة اعترضه “الحصين بن نمير” صاحب عبيد الله بن زياد (لعنه الله) ليفتشه فأخرج “قيس” الكتاب ومزقه فحمله الحصين بن نمير إلى عبيد الله بن زياد، فلما مثل بين يديه قال له: من أنت؟ قال: أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه قال: فلماذا خرقت الكتاب؟ قال: لئلا تعلم ما فيه، قال: وممن الكتاب؟ وإلى من؟ قال: من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم، فغضب ابن زياد وقال: والله لا تفارقني حتى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم أو تصعد المنبر فتلعن الحسين بن علي واباه وأخاه وإلا قطعتك ارباً إرباً، فقال قيس: أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم، وأما لعن الحسين وأبيه وأخيه فأفعل، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (ص) وأكثر من الترحم على علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم، ثم لعن عبيد الله بن زياد واباه ولعن عتاة بني أمية من أولهم إلى آخرهم ثم قال:
أيها الناس أنا رسول الحسين اليكم وقد خلفته بموضع كذا فأجيبوه، فأخبر ابن زياد بذلك فأمر بإلقائه من أعالي القصر فألقي من هناك.
وروي أن “قيس بن مسهر الصيداوي” وقع الى الأرض مكتوفاً فتكسرت عظامه وبقي به رمق، فجاء رجل يقال له “عبد الملك بن عمير اللخمي” فذبحه، فقيل له في ذلك وعيب عليه، فقال: أردت أن اريحه.
فبلغ الحسين (ع) استشهاده فاستعبر بالبكاء، ثم قال: اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريماً، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك، انك على كل شيء قدير.
الصفاح: مر الامام الحسين (ع) بمنطقة الصفاح، روى الطبري بإسناده عن عبدالله بن سليم والمذري قالا: أقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح، فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر، فواقف حسيناً (ع) فقال له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب، فقال له الحسين (ع): بين لنا نبأ الناس خلفك، فقال له الفرزدق: (من الخبير سألت: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء).
فقال له الحسين (ع): (صدقت، لله الأمر والله يفعل ما يشاء، وكل يوم ربنا في شأن، ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وان حال القضاء دون الرجاء، فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته). ثم حرك الحسين راحلته فقال: السلام عليك، ثم افترقا.
قال الخوارزمي: لقيه رجلٌ من بني أسد يقال له “بشر بن غالب”، فقال له الامام الحسين (ع): ممن الرجل؟ قال: من بني أسد، قال: فمن أين أقبلت؟ قال: من العراق، قال: فكيف خلف أهل العراق؟ فقال: يا ابن رسول الله خلفت القلوب معك، والسيوف مع بني أمية، فقال له الحسين (ع): صدقت يا أخا بني أسد، ان الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، قال له الأسدي: يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) فقال له الحسين (ع): نعم يا أخا بني أسد، هما إمامان: إمام هدى دعا إلى هدى، وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة، فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنة، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار.ش