إعلم أنّ البلاء – إن كنت مؤمناً صالحاً – لا أنّه يستوجب الصبر فقط، بل هو نعمة لا بدّ أن تحمد الله عليها وتشكره.
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “لا تكون مؤمناً حتّى تعدّ البلاء نعمة والرخاء محنة؛ لأنّ بلاء الدنيا نعمة في الآخرة ورخاء الدنيا محنة في الآخرة”([1]).
ومن هنا تعرف سرّ الروايات الّتي تذكر أنّ الله إذا أحبّ عبداً ابتلاه.
بل في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه: “إنّ الله إذا أحبّ عبداً غتَّه بالبلاء غتّاً، وإنّا وإيّاكم لنصبح به ونمسي”([2]).
فالبلاء خير لك ولصالحك ومنحة وهديّة من الله تعالى. البلاء حبّ وعناية ولطف وكرم منه تعالى؛ وهل يرفض عاقل مؤمن عطايا الله تعالى؟! وهل من الإنصاف المرور على هذه النعمة واللطف الإلهيّ من دون عظيم الحمد والشكر؟!
هذه بعض أسرار البلاء ووجوه المصائب الّتي تُصَبُّ على المؤمن.
آخر الدواء الصبر
فإن كانت نفسك مع كلّ هذا لا ترى – بعين اليقين – الرحمةَ والخيرَ والصلاح في بواطن المصائب والبلاءات حتّى تحبّ ما أحبّ الله لك، إذاً: لا بدّ أن تعلم أنّ الإنسان ما لم يتجاوز المحن والامتحانات الإلهيّة بالصبر وعدم الجزعِ والشكوى والتأففِ لن يكتب له النجاة يوم القيامة، ولن يكون من أهل الجنّة والرضوان، والباقياتِ الصالحات، بل هو ممَّن أخلد إلى الأرض ومتاع الدنيا وغرورها، وناله من نصيبها ما ناله، وحُرِم بل حَرَم نفسه من نعيم الآخرة وسرورها، وما ربّك بظلّام للعبيد.
بالصبر يفوز ابن آدم ولن يحرمه ربّه منه. ومن استزاده زاده الله وثبّته ولو كانت النوائب والمصائب لا تتحمّلها الجبال الّتي ترسي دعائمها الأرض وما فيها.
ويكفي لمن أراد أن يستمدّ الصبر من الله تعالى أن يتفكّر في بشارة الصابرين من أصدق القائلين في كتابه الكريم: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾([3]).
مصابهم عليهم السلام يهوِّن كلّ مُصاب
فليذكر المؤمن المحبّ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصابه به كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام لعمر بي سعيد الثقفيّ: “إن أُصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنّ الخلائق لم يصابوا بمثله قطّ”([4]).
وورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “من عظمت عنده مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنّها ستَهُون عليه”([5]).
فليذكر المؤمن مصيبته بالإمام عليّ عليه السلام ، والسيّدة الزهراء عليها السلام ، والإمام الحسن عليه السلام ، وما جرى في كربلاء مع ريحانة رسول الله وأهل بيته وأصحابه. فليذكر مصابه بالعترة الطاهرة من ولد الإمام الحسين عليه السلام لا سيّما مصيبته بغيبة إمام زمانه عجل الله فرجه الشريف وتألّمه وحزنه على شيعته والجور عليهم، وعلى انتشار الشرك والإلحاد ومحاربة الدين والمذهب، والترويج للفساد والبدع، فإنّ كلّ هذا يهوّن عليه ويخفّف عنه مصابه وما ألمَّ به.
أعينوا موتاكم، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) البحار، ج64، ص237.
([2]) الكافي، ج2، ص253.
([3]) البقرة:155-157.
([4]) الكافي، ج3، ص220.
([5]) م.ن.ش