في مقارنة بين كتاب تفسير الاحلام الذي ينسب للامام جعفر الصادق (عليه السلام) وآخر للنابلسي أوابن سيرين، يجد المتابع ان كتاب تفسير الاحلام المنسوب للامام الصادق (ع) هو عبارة عن موجز ومختصر لما يقدمه كتاب النابلسي أوابن سيرين.
وفي متابعة أخرى، نجد تفسير احلام منسوبة للامام الصادق (ع) لعناوين غير معاصرة لزمن الامام (ع) مثل (القطار والسكك الحديدية وفاكهة الأناناس)، حيث ان الامام استشهد في سنة 148 هجرية ما يوافق لـ 765 ميلادي، فيما بنيت أول قاطرة بخار لسكك الحديد في المملكة المتحدة في عام 1804، و فاكهة الأناناس عثر عليها الرحالة “كريستوفر كولومبس” في جزرة “جوادلوب بالكارابي” بالمحيط الهادئ عام 1493، وهذا دليل قاطع على كذب وتقول وافتراء ينسب للأمام الصادق عليه السلام.
وفي تبيان الموقف الشرعي من نشر روايات حول تفسير الاحلام منسوبة للامام الصادق (ع) استوضحت قناة الكوثر الفضائية حجة الاسلام الدكتور ” السيد سعيد الاعرجي” عن رأيه حول تفسير الاحتلال المنسوبة للامام الصادق (ع) اجاب سماحته مشكوراً:
الرؤيا في المنام تكشف عن عالم الغيب وليس عن عالم الشهادة، والرؤيا ذكرها القرآن الكريم على عدة نواع، منها على نحو وحي للانبياء، كما جرى مع نبي الله ابراهيم (على نبينا وآله وعليه السلام) في مسألة ذبح اسماعيل (عليه السلام) (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ) سورة الصافات المباركة، آية: 102)، وكذلك قصة نبيي الله يوسف ويعقوب (عليهما السلام) (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)، (سورة يوسف المباركة، آية” 4) أنه رأى احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأهم له ساجدين.
ومن الرؤيا التي ذكرها القرآن الكريم ليست للانبياء، منها رؤى فرعون، (وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّىٓ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَٰتٍۢ سِمَانٍۢ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضْرٍۢ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٍۢ ۖ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ أَفْتُونِى فِى رُءْيَٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ) (سورة يوسف المباركة، آية” 43)، وكذلك رؤيا الفتيين السجينين مع يوسف (ع) (وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّىٓ أَرَىٰنِىٓ أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ ٱلْءَاخَرُ إِنِّىٓ أَرَىٰنِىٓ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِۦٓ ۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ) (سورة يوسف المباركة، آية: 36 ).
ومن الرؤيا ما يحدّث به المرء نفسه، وهي حاصلة إثر المشاكل الانسان ومتاعبه في النهار أو حاجة معينة تنعكس له في المنام بالرؤيا .
ومن الرؤيا تكون سببها الحالة المرضية التي تلازم الانسان، او من حالة التخمة لتناوله طعاما او حالة الجوع، فتنعكس عليه على هيئة رويا في المنام مفزعة، وهذه الرؤيا من الشيطان حيث يريه احلام مفزعة .
و ينسبون للامام الصادق (عليه السلام) ان الرؤيا تنقسم الى أربعة اقسام، رؤيا الوحي وهو رؤيا الانبياء (ع) ، وكذلك المؤمن الصالح قد يرى بعض الامور في رؤياه في المنام وقد تتحقق هذه الرؤيا في اليقضة، سواء كان صالحا أو طالحا، سيئا ام حسنا، او يجدون في الرؤيا رموزا معينة كأشخاص او حيوانات او قضايا طبيعية تتحرك وفي اليقضة يكون هذا الرمز يمثل الشيء الفلاني.
وبخصوص الرؤيا وتفسير الاحلام، البعض يدّعي انه يفسر الاحلام، ولكن تفسير الاحلام ليس لكل احد يتسنى له ذلك، لانه علم من العلوم يجب ان تقدم له أولياته واصوله، ولذلك هناك بعض الكتب تتحدث عن تفسير الاحلام مثل (تفسير الاحلام لابن سيرين وآخر للنابلسي) ومن ثم تنسب الى الامام جعفر الصادق (عليه السلام) .
هنا يأتي السؤال، هل ان هذه الروايات والتفاسير التي تنسب للامام الصادق (ع) صحيحة أم لا ؟
نلاحظ عند دراسة (تفسير النابلسي أو ابن سيرين)، انه يتحدث مفصلا عن أشياء كثيرة ثم بعد ذلك يأتينا ملخصا على لسان الامام الصادق (ع)، وكأنما لديهم مسبقا علم بما قال الامام الصادق (ع) في هذه الرؤيا. وأحيانا يتقولون عن الامام الصادق (ع) على هيئة احتمالات، مثلا تفسير رؤيا المطر في المنام، فهل هو عذاب أم هم أم غم، او خصب او خير او رزق أم شيء آخر؟ فإذا ارادوا ان ينسبوا التفسير الى الامام الصادق (ع) فهم يشيرون الى ان الامام الصادق (ع) قوله في رؤيا المطر يشير الى اربعة احتمالات، فأيهم هو ؟؟؟
وهناك ملاحظة مهمة، متمثلة بمدى صدق هذا النقل عن الامام الصادق (ع)، فما هو الدليل على صدق النقل عن الامام (ع) ؟ المتن، السند، المصدر من أين ؟
وهناك سؤال: هل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) او أمير المؤمنين الامام علي أو الأئمة الاطهار (عليه السلام) كانوا يفسرون الأحلام ؟ أين تفاسيرهم كي نعتمد عليها، وإنما هي مراسيل (أي روايات واحاديث مرسلة لا سند لها)، فإذا جاء خبر أن الامام الصادق (ع) قال (كذا)، من هو الناقل عن الامام الصادق ؟ أين سلسلة الرواة الموصولة بالمتن ؟ وهذا يستند الى (علم الرجال) بأعتبارها مسؤولية شرعية ، وهذا في ميزان العلم والعلماء في غير موضع ثقة.
إذن تفسير الاحلام مسؤولية شرعية، وليس كل شخص مستعد ان ينقل الرواية إلا اذا كان مطمئن من سندها ومتنها، ولدينا من الروايات ان الامام علي (ع) كان أكثرهم مفسرا للاحلام، حتى انهم كانوا يقولون أنه (ع) هذا يوسف (ع) في تفسيره للاحلام، ولكن يأتي السؤوال: أين الدليل على ان هذه التفاسير تنسب للامام علي (ع) ؟ ، فهناك مسؤولية شرعية، وفي يوم القيامة يسأل الانسان، بأي دليل نسبت هذا القول لهذا الامام أو للرسول (ص)، يجب ان يقدم الانسان الدليل يوم القيامة .
والجدير بالملاحظة، هناك مساعي ومحاولات للاستهزاء من المسلمين بأعتبار ان كتب تفاسير الاحلام لها رواج في سوق المسلمين، بأعتبار ان المسلمين أمة نائمة لا تعي بما يجري حولها وما يراد ان يصنع لها.
وخلاصة المطلب: لا يمكن لنا بأي وجه شرعي ان ننسب تفسير الاحلام للامام الصادق (ع) بدون دليل أو برهان، ومن الممكن ان نناقش المتن من الناحية اللغوية، فقد يستخدم (المتقول) الفاظا لم تكن تستخدم في زمن الامام (ع) او مصطلحات حديثة كما في كلمة (قطار أو فاكهة الأنناس)، فهل في زمن الامام الصادق (ع) كان هناك قطار لنقل الركاب، ام فاكهة الأنناس ؟ فإذا كانت الألفاظ والمصطلحات مستحدثة ولم تكن في زمن الإمام (ع) فهذا يعني وضع علامة استفهام على هذا التفسير. لذا نحن نحتاج الى قاعدتين، الأولى هي الألفاظ والمصطلحات وهذه مهمة جدا، والقاعدة الثانية هي سلسلة الرواة ، لذا فهناك مسؤولية شرعية ان ينسب الشيء للامام المعصوم (ع) وهو ليس من الامام، وهذا مرفوض و مردود على صاحبه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته