يغرق كثير من الشباب اليوم في عالم السوشيال الميديا بسبب الانفتاح، وسهولة التواصل مع الجنس الآخر عن طريق تلك الوسائل، ما يؤدي إلى كسر الحواجز، وإلى الوقوع في الإعجاب، والحبّ، وبطبيعة الحال فإنّهم يعبّرون عن مشاعرهم المتبادلة من خلال الرسائل الشفويّة والكتبيّة، أو طريق الرموز الموجودة بوفرة على وسائل التواصل، وهي التي تُسمّى بـ: «Emoji» وهي عبارة عن الوجوه والرموز المستخدمة في كتابة الرسائل الإلكترونيّة.
والسؤال الذي يطرح في هذا المجال هو الآتي: كيف يمكن أن يتجنّب الشاب والفتاة- على حدٍّ سواء- الوصول إلى هذه المرحلة من كسر القيود والحواجز في التواصل؟ وكيف يمكن مساعدتهما على مقاومة عواطفهم الجيّاشة. وكيف يمكن حثّهم على التفكير بعقلانيّة في هذه المرحلة الحسّاسة التي تسيطر فيها العاطفة على العقل تماماً. خاصّة أنّ بعض الفتيات يصدّقن وعود الشباب بالزواج؟
الجواب:
إنّ هذا الأمر يرجع إلى التربية التي يتلقّاها الإنسان في منزله، وإلى الأسس الأخلاقيّة التي ينمو عوده ويشتد عليها، والتي تؤهله لكي يكون نفسه أينما كان. سواء أكان في الساحات الواقعيّة أم الافتراضيّة. فالمشكلة الأساس التي يعاني منها الشباب تكمن في ضياع هويّة السير والسلوك.
نحن في هذه الدنيا نسير نحو الله تعالى. والوصول إليه بقلب سليم هو الغاية والحلم؛ لذلك فإن مَن يدخل إلى ساحة التواصل الواقعيّ والافتراضيّ عليه أن يعيّن هويّته الفكريّة وأن يحدّد اتجاهاته الثقافيّة. وأسلوب عمله ومنهجه في ذلك، وإلا فإنّه في الغالب سيقع في أخطاء وخيمة وغفلات متمادية. والواقع الافتراضيّ أشدّ خطورة كما تعرفون.
الحلّ هو في تهذيب النفس بطرقها المعروفة. ومحاولة كبح النفس عن التواصل مع الجنس الآخر إلا في مقدار الضرورة، وضمن الحدود والضوابط الشرعيّة التي أكّدت عليها التعاليم الإسلاميّة؛ فقد بيّنت التجارب أنّ التساهل في ذلك مظنّة الفساد.
والأمر الآخر.
هو الفراغ! فقد جاء في الروايات الشريفة أنّ «الفراغ مفسدةٌ»[1]؛ فليس ثمّة أمر أفسد من شاب فارغ ولديه وقت فراغٍ. وبين يديه هاتفٌ يستطيع تصيّد الناس من خلاله.
لذلك، أتوجّه إلى الأخوات والفتيات للتأكيد على أنّ من واجبهنّ أن يبالغن في كلّ ما يتصل بالحياء. والمحافظة على الحدود الشرعيّة في التواصل على وسائل التواصل الاجتماعيّ؛ لأنّ الذئاب كثرٌ، والمغرضون أكثر، والخبثاء أشدّ مكراً…، ففي وسائل التواصل لا أسرة تحمي الفتاة، ولا أحد يرى غير الله تعالى.
وأمّا في ما يرتبط بموضوع الزواج وما يرتبط به. ففي الحقيقة إنّ الزواج أمر واقعيّ جداً، وبما أنّه لا بدّ من دخول البيوت من أبوابها، فعلى الشاب أن لا يسلك هذا السبيل؛ لأنّ مفاسده كثيرة وسيسوّل له الشيطان أن يتنقّل بين هذه وتلك حتى يستقر على الخيار الأنسب بنظره. وتقع جراء ذلك ضحايا ومشاكل كبيرة. وأمّا الفتيات، فعليهنّ بشكل بديهيّ وضروريّ أن يضعن حدوداً قاسية. وأن يطلبنَ من الشاب الدخول إلى المنزل وبيت الأهل؛ لأنّ هذا البيت هو الحاضن الأساس للفتاة مهما حصل.
—————————-
[1] – يراجع: المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، ط3، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، 1403هـ ، ج74، ص419.