لكون السياسة جزء أصيل من الحياة الاجتماعية للناس فلابد من تعليمها للأبناء، لأن الحياة الاجتماعية بكل أجزائها جزء من الدين، فالدين الإسلامي بوجه خاص نظم الحياة الإنسانية كلها ورسم لها حدودها وبث فيها القيم التي تنفعها في الدنيا والآخرة..
ما الداعي من تربية الأبناء سياسياً؟
هناك دواعٍ كثيرة فمن أهم وظائف الأسرة التي يجب أن تؤديها نحو أفرادها أي نحو المجتمع لأن الأسرة هي جزء من المجتمع ويتم ذلك من خلال تكوين مفهوم صحيح للسلطة الأسرية وتحرير مفهوم دقيق للطاعة في مجال الأسرة وفي مجال المجتمع، ومن أسس الوعي السياسي التي يجب على الأسرة أن تغرزه في أبنائها أن تعلمهم نوع الأعمال وحسن وتوزيعها على القائمين بها من أعضاء الأسرة فيعرفون بدقة نوع عمل الأب ويفرقون بين عمله وبين عمل الأم وهنا يدركون مدى العدالة الإلهية في توزيع الحقوق والواجبات ويفرقون بين عمل الكبار وعمل الصغار وهذه تعد تنشئة سياسية صحيحة والتي يراها الإسلام برؤية مصلحة الفرد المسلم وأن لا أحد في الأسرة بغير عمل إلا أن يكون غير قادر عليه، وأن الأبوين مهما تكن درجة تعليمهما فلابد أن لهما رؤية في السياسة، ولديهم إلمام بالقضايا السياسية المطروحة أمامهم على مستوى محيطهما كأفراد داخل وطنهم، وعليهما إبصار أبنائهم بهذه القضايا على قدر ما يستطعيون.
كيف ننمي الجانب السياسي في حياتنا اليومية ليكون درس عملي ونظري للأبناء في ذات الوقت؟
علينا أن نتفق على أن السياسة هي فن إدارة الحياة بما يحقق أهدافها، فالأب الذي يدير حياة أسرية بالشكل الذي يحقق أهدافها ويسعد أفرادها هو أب سياسي ورشيد في قيادته للاسرة ويعد درس عملي مناسب وقريب لأبنائه، فإن الأسرة هي المجتمع السياسي المصغر، وفيها الأدوار السياسية الكبرى للأب والأم والأبناء هم المواطنون لكنهم سياسيو الغد، فعلى الأبناء أن يلقنوا أن الطاعة الأولى للوالدين والطاعة المطلقة لله عز وجل، ويتدرب الأبناء في البيت المسلم على التشاور في أمور الأسرة فهذا يساعدهم على إبداء آرائهم فيمنحهم القدرة على التأثير والتأثر.
كما أن التعاون من الأساسيات التي يجب على العائلة المسلمة أن تتصف بها إضافة الى صفة العدل وهذه الصفه سيلمسونها من خلال تعامل الوالدين مع الابناء من الذكور والإناث بأسلوب واحد وطريقة واحدة والى هنا وصلنا الى تبيان التنمية العملية والاملائية للأبناء بما يخص التربية السياسية.
هل هناك تأكيد من الدين الإسلامي على مسألة التربية السياسية؟
نعم مؤكد فقد خلق الله الإنسان وجعله خليفته في أرضه لتنفيذ منهج الله فيها، فالإنسان مسئول لذلك جعله الله حرا، وجعل الحرية فطرة طبيعية للإنسان، ولابد من سياسة معينة يتعامل بها الإنسان لإدراة أموره كخليفة الله على أرضه ولذلك أكد الإسلام على الخبرة السياسية لأنها فن ومهارة وعلم ولا يستطيع الإيتاء بها إلا من حضي بعلم وخبرة حياتية جيد وإدراك لأمور المحيط وهي جزء من الحياة لا يمكن أن نستغني عنها فلذلك وجب تعليمها وتربية أبنائنا على السياسة فالشخص الذي يستطيع أن يحقق أهداف حياته من خلال التعامل الصادق الذكي مع الآخرين.
هل نملك الإذن بألا نعلم أبنائنا فن السياسة ومهاراتها؟
الإجابة بالنفي قطعا ولكن وجب أن نعلمهم السياسة التي تعمر بها الحياة وترتقي ولابد أن تسير وفق ثلاث معايير سياسية وهي الحرية والعدل والتشاور.