Search
Close this search box.

مِن خُلُقِ الرسولِ الثناءُ على المعروفِ

مِن خُلُقِ الرسولِ الثناءُ على المعروفِ

عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «كَفَاكَ بِثَنَائِكَ عَلَى أَخِيكَ، إِذَا أَسْدَى إِلَيْكَ مَعْرُوفاً، أَنْ تَقُولَ لَهُ: جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْراً؛ وَإِذَا ذُكِرَ وَلَيْسَ هُوَ فِي اَلْمَجْلِسِ، أَنْ تَقُولَ: جَزَاهُ اَللَّهُ خَيْراً؛ فَإِذًا أَنْتَ كَافَيْتَهُ»[1].

لقدْ حثَّتِ التعاليمُ الدينيّةُ على فعلِ المعروفِ، وجعلَتْهُ في مصافِّ أفضلِ الأعمالِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهوَ خُلُقٌ مِنْ خُلُقِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، وفي الحديثِ عنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يَفْزَعُ اَلْعِبَادُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولَئِكَ اَلْآمِنُونَ، كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». فقلتُ لهُ: يابنَ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، وَإِنْ كَانَ غَنِيّاً؟ فقالَ: «وَإِنْ كَانَ غَنِيّاً»[2].

ومنَ الأخلاقِ الّتي ترتبطُ بفعلِ المعروفِ، والّتي لا بدَّ منَ العملِ بها ورعايتِها، الشكرُ والثناءُ لفاعلِ المعروفِ، فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «فَمَنْ أُوتِيَ خَيْراً عَلَى يَدَيْ أَخِيهِ، أَوْ صَنَعَ إِلَيْهِ صَانِعٌ مَعْرُوفاً، فَلْيَذْكُرْهُ، فَإِذَا ذَكَرَهُ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَإِذَا كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ»[3].

ولتأكيدِ الثناءِ على أهلِ المعروفِ، وردَ في الرواياتِ الآتي:

1. أنْ لا يحتجَّ بشكرِ الخالقِ عنْ تركِ شكرِ المخلوقِ صاحبِ المعروفِ؛ وذلكَ لأنَّ بعضَ الناسِ قدْ يعتقدُ أنَّ في شكرِ اللهِ ما يُغني عنْ شكرِ صاحبِ الإحسانِ، وهوَ خطأٌ حذّرَتْ منهُ الروايةُ عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «إِنَّهُ لَيُؤْتَى بِعَبْدٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: أُوتِيتَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْهِ؟ فَيَقُولُ: بَلْ يَكُونُ، جَعَلْتُ شُكْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلَّهِ. فَيُقَالُ لَهُ: لَمْ تَشْكُرِ اَللَّهَ، إِذْ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَى اَللَّهُ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْهِ»[4].

2. الدعاءُ لصاحبِ المعروفِ نوعٌ منَ الشكرِ لهُ على ما فعلَ، ففي الروايةِ عنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ آتَاكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافُوهُ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافُونَهُ فَادْعُوا اَللَّهَ لَهُ، حَتَّى تَظُنُّوا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَيْتُمُوهُ»[5].

3. الزيادةُ على المعروفِ حتّى يكونَ منَ السابقين، فعنْ عليِّ بنِ سالمٍ، قالَ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ [الإمامِ الصادقِ] (عليه السلام) يَقُولُ: «آيَةٌ فِي كِتَابِ اَللَّهِ مُسَجَّلَةٌ»، قلتُ: ما هيَ؟ قالَ: «قَوْلُ اَللَّهِ تَعَالَى: ﴿هَلْ جَزٰاءُ اَلْإِحْسٰانِ إِلاَّ اَلْإِحْسٰانُ﴾[6]، جَرَتْ فِي اَلْكَافِرِ وَاَلْمُؤْمِنِ واَلْبَرِّ وَاَلْفَاجِرِ. وَمَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَ بِهِ، وَلَيْسَ اَلْمُكَافَاةَ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا صُنِعَ حَتَّى تُرْبِيَ، فَإِنْ صَنَعْتَ كَمَا صُنِعَ كَانَ لَهُ اَلْفَضْلُ بِالاِبْتِدَاءِ»[7].

4. ولتأكيدِ ضرورةِ الثناءِ على أهلِ المعروفِ، وبيانِ ضررِ تركِ ذلكَ، منْ بابِ أنَّهُ يمنعُ المزيدَ منَ الإحسانِ، فقدْ وردَ في الروايةِ بيانُ أنَّ تاركَ ذلكَ بعيدٌ عنْ رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «لَعَنَ اَللَّهُ قَاطِعِي سَبِيلِ اَلْمَعْرُوفِ، وَهُوَ اَلرَّجُلُ يُصْنَعُ إِلَيْهِ اَلْمَعْرُوفُ فَيَكْفُرُهُ، فَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ أَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ»[8].

ختاماً، نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه) ولوليِّ أمرِ المسلمينَ وللمجاهدينَ جميعاً، ذكرى ولادةِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، ونسألُ اللهَ أنْ يمنَّ علينا بما لهُ عندَهُ بالنصرِ على أعدائِنا.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الكوفيّ الأهوازيّ، الزهد، ص33.
[2] الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، ص373.
[3] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل، ج12، ص358.
[4] المصدر نفسه.
[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج72، ص43.
[6] سورة الرحمن، الآية 60.
[7] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج72، ص43.
[8] الشيخ المفيد، الاختصاص، ص241.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل