بسم الله الرحمن الرحيم
السيد وديع الحيدري
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل للمؤمن حرمة تفوق حرمة الكعبة ، ونهى عن أي شكل من أشكال التعرض له أو الإسائة إليه ، وتوعد في القرآن الكريم من يقدم على قتله متعمداً بأشد صنوف العذاب ، في آية قلّ نظيرها من بين آيات الوعيد ، حيث قال تعالى :
(وَمَن یَقۡتُلۡ مُؤۡمِنࣰا مُّتَعَمِّدࣰا فَجَزَاۤؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدࣰا فِیهَا وَغَضِبَ ٱللهُ عَلَیۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِیمࣰا) .
هذا بالنسبة إلى الإنسان المؤمن ، فكيف بنا إذا أردنا أن نتكلم عن حرمة الإمام الحسين عليه آلاف التحية والثناء ، فهل يوجد مجال لفرض التفاضل أو القياس ؟
فالإمام المعصوم لا يقاس به أحد من الخلق ، لذا تجد أن اللعنة التي حلّت على الأمّة التي (أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ وَتَهَيَّأَتْ) لقتاله ، وعلى أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم والراضين بفعلهم لا أمد لها ولا نفاد لعددها من الله والملائكة والناس أجمعين إلى قيام يوم الدين .
وإذا بهذا الإمام العظيم يضحي بنفسه الطاهرة الزكية وبجمع من أهل بيته الذين قال عنهم الإمام الرضا عليه السلام في المروي عنه :
(وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ) .
وكذلك بجمع من أصحابه الذين قال الإمام الحسين عليه السلام فيهم وفي أهل بيته :
(فإني لا أعلم أصحابا أوفىٰ ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا عني خيرا) .
ونحن نعلم بأن التضحية لا تكون إلّا من أجل شيء أغلىٰ وأعظم من نفس المضحي ، فهل توجد حرمة أعظم من هذه الحرمة تستحق كل هذه التضحية !؟
نعم ، هي حرمة الإسلام التي لا تفوقها حرمة ، الإسلام الذي ضحّى من أجله جميع الأنبياء والأوصياء والأولياء والشهداء ، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم أهل البيت عليهم السلام .
فانظر إلى المكانة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لهذا الإسلام العزيز التي لا يفوقها شيء ، ثم انظر إلى المنزلة التي يحضى بها من ينصره ويدافع عن حريمه ويسعى في إقامة حكمه ، فهل تجد ما يوازيها من الشرف والعزة والكرامة في الدنيا والآخرة ؟
والإسلام اليوم بأمس الحاجة منّا جميعاً إلى مثل هذه المواقف أمام هذه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها في كل الساحات ، ولاسيما على محور المقاومة والممانعة وعلى رأسه الجمهورية الأسلامية المباركة في ايران ، فالمرحلة لا تقبل المداهنة والمساومة ، ولا تقبل الحياد ، والله الهادي إلى سبيل الرشاد .