Search
Close this search box.

رؤى سياسية قرانية.. (العمل و حقوقه في النظام الإسلامي)

رؤى سياسية قرانية.. ح 23 (العمل و حقوقه في النظام الإسلامي)

قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (… قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا …) (سورة القصص المباركة: من آية 25).

الدولة الاسلامية….. مباديء و خصائص….العمل و حقوقه في النظام الإسلامي

اولا…تفسير الآية بإيجاز….هذه الايات تشير إلى جزء من حياة النبي موسى (على نبينا وآله وعليه السلام) بعد ان هاجر من مملكة فرعون إلى مدين حيث كان شعيب النبي (ع) يقيم فيها، وانه عندما وصل إلى هناك راى امرأتين تسعيان من أجل سقي اغنامهما، اذ كان ابوهما شيخا كبيرا لا يقدر على أداء ذلك العمل، فبادر موسى (ع) لمساعدتهما وسقى لهما الأغنام…

ثانيا…المقطع من القصة قد نمر عليه مر الكرام ولا يبدو فيه الإثارة الكبيرة لكن في حال التدبر فيها وبامعان واستنطاق ظواهر الآية وباطنها، سنرى فيها من عجائب الأمور وما تحويه من معان زاخرة بالحيوية بخصوص موضوعنا المشار إليه.

ثالثا… من المعروف ان العمل: هو الطاقة أو الجهد الحركي الذي يبذله الإنسان من أجل تحصيل او إنتاج ما يؤدي إلى إشباع حاجاته، وانه يتبين لنا من بعض لوائح حقوق الإنسان، ومواثيق العهود الدولية نقاطا أساسية سنقارنها بما ورد في الايات في الذكرى الحكيم ويمكن إيجازها بما يلي:

1- حق العمل مكفول لكل الافراد و ما يرتضيه الفرد لنفسه من عمل مفيد .

2- عدم السماح بمصادرة حق العامل او بخس حقه .

3- عدم السماح باجبار الفرد على العمل بالسخرة او العمل المجاني.

4- العمل التطوعي أمر جميل و مهم ويتم التشجيع عليه من قبل السلطات والتوجيه له والإرشاد دون إجبار وذلك لأداء مهام فيها نوع من الخدمة لصالح النفع العام أو الخاص.

5- السماح للمراءة للعمل كما هو مسموح للرجل على حد سواء.

رابعا….ان فكرة البطالة والتعطل عن العمل مسألة مرفوضة تماما في الاسلام وانه لابد للفرد المسلم من ان يشغل نفسه بعمل مفيد، وقد ورد أيضا في مواثيق العهد الدولي (ان للفرد الحق في الاستفادة من طاقاته و بالتفاعل مع العناصر الأولية والأساسية للإنتاج، وان الإنسان الذي يصرف هذه الطاقة من كيانه، هو صاحب الحق في امتلاك حق عمله وحتى ما يفيض منها من حاجته وليس من حق أحد ان يستولي عليها، إلا ان الإنسان يملك حق التصرف وحرية التعاقد لتأجير هذه الطاقة لغيره لقاء اجر معين، وبمقتضى هذا التعاقد والرضى، وان هذا التعاقد هو المبرر الشرعي لامتلاك المؤجر حق العمل من جهد الاجير على اجرته مقابل توفير فرص العمل له).

…وفي ادبياتنا نرى ان رسول الله (ص) وكما جاء في سيرته الشريفة كان يسأل عن الشخص إذ أعجبه مظهره، فإن قيل له ليست له حرفة ولا عمل يمارسه، قال لقد سقط من عيني ويقول: إن المؤمن إذا لم تكن له حرفة فانه يعيش بدينه .

وفي عدة أحاديث شريفة جعل العمل جزءا من الايمان كما جاء: ((إن أصلاح المال من الايمان)) وقيل في حديث نبوي آخر: ((ما من مسلم زرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه الانسان أو دابته إلا وكتب الله له به صدقة)).

وفي محاورة أخرى رد الإمام على من طلب منه الدعاء له بالرزق ، قال له: لا أدعو لك بل اخرج واطلب كما أمرك الله عز و جل (أي أخرج للعمل و استحصل رزقك).

خامسا…لناتي الآن لنسبر أعماق بحر القران الكريم ونستنطق آياته فنجد فيها:

1- التشجيع في الخروج إلى العمل وأداء الحاجات اللازمة كي يحصل الإنسان على مبتغاه من الرزق…كما نرى في عمل هاتين الامراتين بنات شعيب النبي (ع) وكذلك بقية الرعاة.

2- بذل الجهد و السعي الحثيث في أداء العمل على احسن وجه، كما نجد ذلك في كلمة (تذودان) والتي تشير الى جهد الامراتين بكل قوة لأداء عملهما بأحسن وجه.

3- مبادرة نبي الله موسى (ع) إلى العمل التطوعي لمساعدة الامراتين وإنجاز مهمة السقي لاغنامهما، وحسب تعبيرنا انه بادر إلى ذلك لكسب الثواب والأجر من الله تعالى ولكن على أي حال فالنتيجة واحدة وهي انه قام بأداء عمل تطوعي.

4- عدم إهمال من عجز عن العمل بل و جعل له نصيب من الحق في جهد الاخرين، حيث نرى ان الأب كان شيخا كبيرا وقد عجز عن أداء عمل يتطلب جهدا غير قليل، وكان له نصيب في جهد ابنتيه (وابونا شيخ كبير).

5- السعي في عدم التفريط في أداء حق العامل واجره، و في حال عدم رغبته في استحصال ذلك الاجر فالأمر يعود له، فالشيء المهم هو تثبيت مبدأ حق العامل واجره كما نرى في الاية (ان ابي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا).

6- حق المراءة في العمل وخروجها لأداء الأعمال ولو كان فيها شيء من الصعوبة كما نجد ذلك في الامراتين، في حال تطلب وضعهم المعيشي الخاص ذلك الأمر.

7- افرايتم إخوتي الأعزاء كيف ان القرآن الكريم فيه من الكنوز الفكرية، مما يجعلنا ندّعي أن ما ورد في لوائح حقوق الإنسان ولوائح العهد الدولي انما كانت قد استفادت منه بشكل مباشر او غير مباشر، فنرى كيف انه كان الاساس في تثبيت حقوق الإنسان ومنها حق العمل وشروطه وحق المراءة و حق العاجز عن العمل كما في الشيخ الكبير، فانظروا مرة ثانية في تلك الحقوق المبينة في اللوائح الدولية وقارنوها مع ما وجدناه في القران الكريم.

أفلا يدعونا ذلك إلى أن ندّعي ان ما ورد في ادبياتنا من القران الكريم و سيرة وسنة الرسول الأكرم (ص) ورسائل الوصايا لأمير المؤمنين علي (ع) وكذلك رسائل الحقوق للأمام علي زين العابدين (ع) والتي لا تنكرها منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان بل وجعلتها مصادر أساسية لمدوناتها وشكرا..

علي العلوي / قم المقدسة

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل