بلغت درجة التبرؤ من الذين يهملون القيام بواجباتهم التربوية حد الذي صار فيه المجتمع يعاني من ملحدين ومشركين، هل يدرك هذا المهمل ماذا يعني تبرؤ النبي وآل بيته منه وعدم قبول أعماله وإن بلغت عنان السماء؟
ورد في الحديث عن زين العابدين (إنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه).
تنمية التربية الايمانية في نفس الطفل حق له على عاتق المسؤول عن تربيته سواء كانوا أهلاً أو مدرسة أو جامعة ولا يخفى أن روحه في تقبلها للتعاليم الدينية والأخلاقية تشبه الأرض الخصبة القابلة للزرع وعلى المسؤولين عن تربيته أن يبادروا إلى زرع بذور الإيمان والفضائل في نفسه وأن لا يفرطا بشيء من الفرصة السانحة لهما كي لا يتبرأ منه النبي.
يلاحظ أن العلم الحديث دعا إلى ما دعا إليه الإسلام معتبراً أن التربية الدينية للأطفال ضرورة لضمان سعادتهم وحسن تربيتهم كما قال (ريموند بيج) لا شك في أن المهمة الأخلاقية والدينية تقع على عاتق الأسرة قبل سائر المسائل ذلك أن التربية الفاقدة للأخلاق لا تعطينا سوى مجرمين ومن جهة أخرى فإن قلب الإنسان لا يمكن أن يعتنق الأخلاق من دون وجود دافع ديني.
تبرز فطرة الإيمان في روح الطفل قبل أن يكمل عقله وينضج لاستيعاب المسائل العلمية وإن يهتم الآباء بهذه الفرصة المناسبة ويستغلا تفتح مشاعره ويقظة فطرته الإيمانية فيعملوا منذ الطفولة على تنمية الإيمان في نفسه من دون صعوبة أو حاجة لأدلة عقلية ومن السهولة بمكان جعله إنساناً مؤمناً بالاستناد إلى طبيعته الفطرية.
المشكلة عند الكثير ممن يتكلمون مع الطفل أنهم يخبرونه بعدم تكليفه ومنهم للأسف يجهلون الأحكام الشرعية للطفل ويمكن من خلال طرق تشجيعه مع الطفل مثلاً نسأل الطفل هل هو كبير أم صغير؟
فإن أجاب بأنه كبير نحثه على شكر الله سبحانه وتعالى على نعمة بأن لا يقول أو يعمل ما يغضب الله تعالى كأن يصلي مثلاً ولا يكذب.
في آخر دورة تربية حضرتها كان فيها ٣٠ مشارك أو أكثر، سألت المحاضِرة:
“ما هو أفضل شيء تستطيع الأم أن تقدمه لأولادها؟”
فترددت الإجابات بين “الحب، الدين، الاخلاص، التقوى، الصداقة، الانفتاح، الهدوء، الإحسان” ومرادفاتها، حتى جاء دوري وأنا أفكر أن تكون إجابتي مختلفة!
فقلتُ “القدوة”، فالقدوة هي بالتأكيد أهم ما تقدمه الأم لأولادها!
وعندما أجبتها، وانتهى الجميع من لعبة التحزير.
سكتت المحاضِرة وقالت: جميع إجاباتكم هي بالفعل أمور جدًا مهمة في التربية.. لكن حسب دراساتي يُوجد ما هو أهم من جميع ما ذكرتم..
“أفضل شيء تقدّمه الأم لأولادها هو أن تُحب أباهم”.
“حسب الدراسات فإنه يمكن معرفة نسبة الخلافات بين الزوجين عن طريق فحص عينة بول طفلهم خلال ٢٤ ساعة”.
“جاء أحدهم ليسألني عن طريقة لتربية ابنه بحيث يستطيع أن يسجل في جامعة هارفارد، عندما يكبر، فأجبته: إذا أردت أن تزيد نسبة ال IQ عند ابنك، اذهب إلى البيت وحب زوجتك”.
) إذا لم تكن على قدر من الوعي والمسؤولية، لِمَ أنجبت أرواحًا تتعذّب من قساوتك) لا تورث لأبنائك أخبار سيئة عن أرحامهم مهما حدث بينك وبينهم، دعهم ينشؤون بقلوب سليمة ونوايا صافية، علمهم حسن الخلق، ووصل الأقارب بأبنائك وهم صغار، فسوف تمر الأيام بسرعة ولن يبقي لك من براءتهم وطفولتهم إلا مجرد ذكريات، لاعبهم، اضحك معهم، مازحهم، أُخرج معهم، كن كطفل بينهم، واجعل التعليم والأدب مع اللهو واللعب.
وهناك قصة تقول: جلست الأم وجلس أولادها حولها.. أعمارهم تتراوح بين العاشرة إلى الثالثة.. جلسوا جميعهم مستعدين ومتحمسين، بدأت الأم وبدأوا معها في قراءة سورة الإخلاص، ثم كرروها عشر مرات، عندما انتهوا صرخوا بصوت واحد فرحين: الحمد لله بنينا بيتاً في الجنة.
سألتهم الأم: وماذا تريدون أن تضعوا في هذا القصر؟
رد الأطفال نريد كنوزاً يا أمي، فبدأوا يرددون لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم عادت فسألتهم:
من منكم يريد أن يرد عليه الرسول (صلى الله عليه وآلة وسلم) ويشرب من يده شربة لا يظمأ بعدها أبداً.
فشرعوا جميعهم يقولون: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.. كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد.. كما باركت على إبراهيم وعـلى آل إبراهــيم إنك حميد مجيد.
تابعوا بعدها التسبيح والتكبير والتهليل، ثم انفضوا كلٌ إلى عمله، فمنهم من تابع مذاكرة دروسه، ومنهم من عاد إلى مكعباته يعيد بنائها.
فقلت لها كيف فعلتِ ذلك؟
قالت أبنائي يحبون جلوسي بينهم ويفرحون عندما أجمعهم وأجلس وسطهم فأحببت استغلال ذلك بأن أعلمـهم وأعودهم على ذكر الله.
فأحببت أن أنقل لهم هذه الأحاديث وأعلمها لهم بطريقة يمكن لعقلهم الصغير أن يفهمها.. فهم يروون القصور في برامج الأطفال ويتمنون أن يسكنوها.. ويشاهدون أبطال الكرتون وهم يتصارعون للحصول على الكنز، هذه الأم ستثاب عندما يردد أحد أبنائها هذه الأذكار