توجد العديد من الأسباب التي قد تجعلنا نخسر بعض أصدقائنا وإخوتنا في الإيمان وأحبتنا، منها:
1- ذهاب الحشمة
والمراد من ذهاب الحشمة انعدام الحياء بين الأصدقاء والإخوة، وكثيراً ما يحدث هذا من خلال التحدّث بأمورٍ خصوصيّة تخصّ الإنسان، وقد نهت الروايات عن هذا الأمر، فعن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام: “لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك، أبقِ منها، فإنّ ذهابَها ذهابُ الحياء”([1]).
2– ترك الحقوق
فترك الحقوق التي أرشدتنا إليها روايات أهل البيت عليهم السلام، يولّد التوتّر في العلاقة، لما يستتبع تركها من عتاب قد لا يكون بالشكل اللائق الذي يعبّر عنه بالنقد البنّاء، فالكثير من الناس لا تملك الأسلوب المناسب في الحوار، وتحاول النقد بشكل سلبيّ للغاية، وباستعمال عبارات خادشة للأحاسيس، ممّا يوّلد توتّراً في العلاقة بين الأخوة، لهذا ينصح لتفادي هذا كلّه، أن يبتعد الإنسان عن أصل المشكلة، ومحاولة دَرْء هذا التوتّر من خلال الالتزام بالحقوق التي افترضت بين الإخوان في الله تعالى.
والحقوق التي أشارت إليها الروايات اختصرها إمامنا زين العابدين عليه السلام بقوله في رسالة الحقوق: “وأمّا حقّ الصاحب فأن تصحبه بالتفضّل والإنصاف، وتكرمه كما يكرمك ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتودّه كما يودّك، وتزجره عما يهمّ به من معصية، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذاباً، ولا قوّة إلا بالله”.
خسارة الإخوان
ما أصعب أن تجد الصديق والأخ الذي يشعرك بأنّه النصف المكمّل لك، والذي لا تجده إلّا أمامك حتّى في أحلك الظروف، والذي يؤنسك حين تُعييك السبل عن تنفيس الكرب، فيكون الماء البارد الذي يزيح عنك حرراة الحياة وتعبها.
لكن الأصعب من هذا كلّه، أن يضيع منك هذا الكنز في لحظة غضب عابرة، أو خطرة سوء ظنٍ من شيطان رجيم، من شياطين الإنس أو الجنّ.
هنا تكون الخسارة الفادحة التي لا يمكن التعويض عنها، وهنا قد لا ينفع الندم فيما لو كان جرح الأخ كبيراً فيصعب التئامه.
لذا إخوتنا لا نكن ممّن جاء فيهم الحديث عن لسان أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، إذ ورد عنه قوله: “أعجز الناس من عجز عن اكتساب الأخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم”([2]) .
ولو وقع بين الأخ وأخيه بينٌ وخلاف، فعلى سائر إخوانهما السعي في إصلاح ذات بينهما، ومحاولة ردم الهوّة التي وقعت بينهما، ولأم الجراح التي أسعدت حال إبليس، الذي أفرح ما يفرح به الوقيعة بين أخوين، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾([3]).
كما أنّه علينا إذا جاءنا أخ في الله معتذراً أن نقبل العذر منه، لأنّ ترك المعذرة من شيم اللئام، وجاء في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: “إنّ أخاك حقّاً من غفر زلّتك، وسدّ خلّتك، وقبل عذرك، وستر عورتك، ونفى وجلك، وحقّق أملك”([4]).
كفّ الأذى، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) وسائل الشيعة – الحرّ العاملي – ج 12 ص 146.
([2]) ميزان الحكمة، الحديث 159.
([3]) الحجرات: 10.
([4]) غرر الحكم ح / 3645.