Search
Close this search box.

وصايا العلماء: هؤلاء شيعتنا (2)

وصايا العلماء: هؤلاء شيعتنا (2)

ورد عن أهل البيت عليهم السلام أربع روايات حول صفات الشيعة. وقد تحدّثنا في العدد السابق حول الرواية الأولى الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام، ونستكمل في هذا المقال الحديث عن الروايتين الثانية والثالثة.

*ثلاث عشرة صفة للشيعة الحقيقيين
عدّد الإمام الباقر عليه السلام في الرواية الثانية ثلاث عشرة صفة للشيعة الحقيقيّين، يقول عليه السلام: “إنّما شيعة عليّ عليه السلام الشاحبون الناحلون الذابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم. إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشاً، واستقبلوا الأرض بجباههم، كثيرٌ سجودهم، كثيرةٌ دموعهم، كثيرٌ دعاؤهم، كثير بكاؤهم، يفرح الناس وهم محزونون”(1).

*إنّهم الشاحبون الناحلون
عندما نعدّد صفات الشيعة الحقيقيّين هذه، قد يظنّ بعض الشباب والمراهقين، أصحاب القلوب الصافية، أنّ امتلاك لون شاحب أصفر وجسم نحيف، كمال بحدّ ذاته، فيعملون لذلك من خلال الجوع وقلّة النوم ليتحلّى بهذه الصفات. والواقع أنّ امتلاك لون شاحب وجسم نحيف ليس كمالاً بحدّ ذاته، إنّ الذي اعتبرته الرواية بمثابة خاصيّة ذات قيمة للشيعيّ هو “إحياء الليل” الذي يؤدّي إلى الشحوب والاصفرار في الوجه. كذلك “الصوم المستحبّ” والابتعاد عن التخمة الذي يُعدّ صفة ذات قيمة للشيعيّ تؤدّي إلى نحول ونحافة البدن.

تقول الرواية إنّ الشيعة يستفيدون بالمقدار الكافي من النعم الإلهيّة، إلّا أنّهم يمتنعون عن التخمة التي تؤدّي إلى السمنة وإلى الكثير من الأمراض.

*إذا جنّهم الليل عابدون
ثم يقول الإمام عليه السلام: “إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشاً”. الشيعة يتّخذون الأرض فراشاً ويهجرون الفراش الناعم والدافئ ويشتغلون بالعبادة والدعاء والتضرّع إلى الله تعالى. أغلب الناس يخرجون أثناء الليل للتنزّه والاستفادة من الأجواء المناسبة والمفرحة والهواء اللطيف. ويرغب الشباب على وجه التحديد في التنزّه ليلاً في الشوارع والحدائق. فيما الذين لا يرغبون في التنزّه يجلسون لمشاهدة برامج وأفلام التلفاز.

أما الشيعة الحقيقيّون الذين يدركون أهميّة أعمارهم وجوهر زمانهم، فيستفيدون من الليل للعبادة وعبوديّة الله وبهذا النحو يملأون زادهم من الرأسمال الأبديّ الخالد. ينهض هؤلاء في وسط الليل لمناجاة معبودهم في سجودهم الطويل. يدرك هؤلاء أنّ السجود الطويل وتسبيح الله وحمده باستمرار من جملة صفات أحباب الله، حيث أوصى الله تعالى رسوله: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾ (الإنسان: 26).

*الناس في فرح وهُم في حزن
الصفة الأخيرة التي يذكرها الإمام عليه السلام للشيعة الحقيقيين، هي أنّ الناس في فرح وهُم في حزن؛ لأنّهم يفكّرون في الآخرة وقلقون من التقصير والمعاصي التي قد تكون صدرت عنهم. وعليه يفكّرون في جبران تقصيرهم. من جهة أخرى، عندما ينظرون إلى مشكلاتهم الاجتماعيّة والثقافيّة ويشاهدون ابتعاد الناس عن الدين وإضعاف القيم الإسلاميّة في المجتمع، يعيشون حالة ألم وانزعاج.

*سيماء الشيعة في الرواية الثالثة
نقرأ الرواية الثالثة التي توضح صفات الشيعة القيّمة؛ إذ رُوي: “أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خرج ذات ليلة من المسجد وكانت ليلة قمراء فأمّ الجبانة ولحقه جماعة يقفون أثره، فوقف عليهم، ثمّ قال: من أنتم؟ قالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين. فتفرّس في وجوههم، ثمّ قال عليه السلام: فما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟ قالوا: وما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين؟ فقال: صفر الوجوه من السهر، عُمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذُبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين”(2).

كان المسلمون في صدر الإسلام ملتزمين بالصلاة وقت الفضيلة. من هنا كانوا يؤدّون صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء في أوقاتها المحدّدة المنفصلة عن بعضها بعضاً. كانوا يؤدّون صلاة المغرب عند غروب الشمس ثمّ يرجعون إلى المنزل لتناول طعام العشاء، ثمّ يعودون إلى المسجد عند فضيلة العشاء. ولأنّ الظلام كان يغطّي جميع الأماكن ولا توجد مصابيح أو وسائل لإضاءة الطرقات، كانوا يعودون بعد صلاة العشاء إلى المنزل حيث ينامون إلى وقت السحور، ثم ينهضون للعبادة.

والرواية تشرح الظرف. في إحدى الليالي المقمرة المضيئة، خرج أمير المؤمنين عليه السلام ولحقه أصحابه الذين أجابوه أنّهم من شيعته. وهذا يعني أنّ عنوان الشيعة كان معروفاً ذاك الزمان، حتّى إنّ هذا العنوان كان يطلق في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خواصّ أصحابه أمثال: سلمان، وأبي ذر، اللذين كانا شديدَي التعلّق بأمير المؤمنين عليه السلام. بعد ذلك أخذ الإمام عليه السلام يحدّثهم عن صفات الشيعة.

1- بحار الأنوار، المجلسي، ج65، ص149.
2- (م.ن)، ص150 – 151.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل