الكاتب : أحمد الخالدي
بعد أن تطرّقنا الى دعاء النبي إبراهيم (عليه السلام) وما تضمنه من أمور مهمة جاءت الآيات اللاحقة على تفصيل مناسك الحج وأحكامه وبيان ما ينبغي على الحاج فعله ومن هم المستثنون من إدائه الى أن يصل الكلام الى ما بعد قضاء المناسك فيقول الله (عز وجل): (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ){البقرة/200}.
• ثم يذكر سبحانه وتعالى المؤمنين ودعاءهم في قوله: (وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {البقرة/201} أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {البقرة/202}
وقد بينت الآية (200) من السورة إن بعض الناس همهم الدنيا ولا يسألون الا ما في الدنيا ومثل هؤلاء لا يمنع الله عنهم الدنيا فيعطيهم منها لكنهم خسروا الاخرة وما فيها من جزيل العطايا الالهية، أما المؤمنون الذي يقولون: (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً)
فهؤلاء يعطيهم الله تعالى من الدنيا والاخرة لأنهم لم يغفلوا مآلهم والدار الباقية التي يرجو كل مؤمن أن تكون الجنة وما فيها من رضوان الله عز وجل، وهنا نقطة ينبغي الالتفات اليها وهي إن الدنيا تُطلب كما تُطلب الاخرة ولكنها لا تطلب لنفسها بل تطلب لكونها طريقا يسلكه الناس الى الاخرة ومنها يتزود المؤمن بما يحتاجه في سفره الى داره الباقية وخير الزاد التقوى وكما بينا في الحلقة الاولى من هذه السلسلة إن التقوى هي: (الايمان بالغيب وبالمعاد والايمان بما نزل من عند الله تعالى واقام الصلاة وايتاء الزكاة)، حسب ما عرفتها الايات من3-5 من سورة البقرة، وكما أكدت الكثير من الاحاديث الشريفة الواردة عن المعصومين(عليهم السلام) على أن يأخذ الانسان من دار ممره الى دار مقره، حينها تكون الدنيا ممدوحة ومطلوبة أما اذا كان طلب الدنيا لنفسها هو الغاية حينها تكون الدنيا مذمومة لأن من ثمارها الحرص والانانية والطمع والبغي والاقتتال والحروب والغش وغيرها من الرذائل فالحريص على طلب الدنيا لا بلحاظ كونها مزرعة الاخرة سيرتكب كل المخالفات والجرائم لأجل الحصول عليها، وهذا هو الفارق بين من يطلب الدنيا لغيرها فيعمرها بالعمل الصالح ونشر البر والخير بين الناس ومن يطلبها لنفسها فيقتتل من أجلها ويقترف أبشع المنكرات فتكون الدنيا بمثل هؤلاء ساحة حرب وإقتتال.
وقد ورد هذا الدعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) من ضمن أعمال مناسك الحج فقد روي في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن عمير ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير وصفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طف بالبيت سبعة اشواط وتقول في الطواف: اللهم اني أسألك إلى أن قال (عليه السلام) وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الاسود، (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).(تفسير نور الثقلين).
وقد ورد هذا الدعاء (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) من ضمن أعمال مناسك الحج فقد روي في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن عمير ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير وصفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طف بالبيت سبعة اشواط وتقول في الطواف: اللهم اني أسألك إلى أن قال (عليه السلام) وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الاسود، (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).(تفسير نور الثقلين).
• في سورة البقرة : (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) {البقرة/250}، جاءت هذه الآية في سياق قصة النبي داود (عليه السلام) وقتاله لجالوت وانتصاره عليه وتنصيبه ملكاً وقد مرَّ في الآيات السباقات لهذه الآية أن الله تعالى اختبر من كان مع النبي داود (عليه السلام) وامتحنهم ليرى طاعتهم لنبيهم وايمانهم بربهم فقال بعضهم لا طاقة لنا بقتال جالوت وجنوده و(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) {البقرة/249}فعندما التحم الجيشان دعا المؤمنون بهذا الدعاء وأنتصر داود (عليه السلام) وجنده وكانت الغلبة لهم.
وهنا يظهر أثر دعاء المؤمنين في قلب موازين الاحداث حتى وإن لم يكن هناك علة ظاهرة تشير الى ذلك، فكم من دعاء غيّر حال الانسان الى حال آخر مختلف وكم من دعاء لفئة قليلة، عمّ نفعه على الجميع، كما أكدت الآية : (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) {البقرة/251}فقد يدفع الله عز وجل بدعاء القلة المؤمنة ما يهلك الحرث والنسل بفضله ومنّه على العالمين، وهذا يؤيد الروايات التي تشير الى إن حجة الله المعصوم في أرضه أمان لأهل الارض ولولاه لساخت الارض بأهلها، وقد يكون هذا المعنى أحد مصاديق الآية، لذا لا ينبغي ترك الدعاء مهما ضاقت الامور وتعسرت، فلهذا الكون الفسيح ربٌّ حكيم يسمع ويعلم ويستجيب دعاء المضطر اذا دعاه ويكشف السوء.
وهنا يظهر أثر دعاء المؤمنين في قلب موازين الاحداث حتى وإن لم يكن هناك علة ظاهرة تشير الى ذلك، فكم من دعاء غيّر حال الانسان الى حال آخر مختلف وكم من دعاء لفئة قليلة، عمّ نفعه على الجميع، كما أكدت الآية : (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) {البقرة/251}فقد يدفع الله عز وجل بدعاء القلة المؤمنة ما يهلك الحرث والنسل بفضله ومنّه على العالمين، وهذا يؤيد الروايات التي تشير الى إن حجة الله المعصوم في أرضه أمان لأهل الارض ولولاه لساخت الارض بأهلها، وقد يكون هذا المعنى أحد مصاديق الآية، لذا لا ينبغي ترك الدعاء مهما ضاقت الامور وتعسرت، فلهذا الكون الفسيح ربٌّ حكيم يسمع ويعلم ويستجيب دعاء المضطر اذا دعاه ويكشف السوء.