الشيخ علي السعيدي
لا بُدّ للمؤمن أنّ يعي ويعرف حقوق الآخرين عليه وما أوجبه الله سبحانه وتعالى ونبيه الأكرم(صلى الله عليه وآله) ومن سلسلة تلك الحقوق حقوق الأهل والجار والصديق والمجتمع.
ومن هذه الحقوق الكثيرة، حقّ قد يغيب عن أذهان البعض منّا، أو قد يعرفه البعض، ولكن لا يعيره تلك الأهمية. رغم أنّ بعض الدول تعتبر التفريط فيه جريمة ورغم أنّ البعض منهم يسميه بإحدى أنواع التلوث ودعونا نتوقف عند المعنى الأخير، لنطلق عليه اسم التلوث الضوضائي.
حيثُ تعد الضوضاء إحدى المخلفات التي نشأت من وسائل الحضارة، التي قد تحدث ضجيجاً مثل الطائرات والمركبات، وأجهزة الإذاعة للبيوت والهواتف والسيارات المسموعة والمرئية، وآلات الحفر والبناء، أو الضوضاء والأصوات العالية التي تؤذي السمع وتتعب الأعصاب، وتشوش على العقل، وتقلق الراحة، وتطرد النوم، وتؤثر في حياة الإنسان تأثيراً سيئاً.
كما أنّ العلماء يقسمون الآثار السلبية للضوضاء إلى أربعة أنواع: آثار سمعية، آثار نفسية، آثار جسمانية، آثار على قدرة الإنسان الإنتاجية.
إلى هنا دعونا نتوقف قليلاً لكيلا يكون حديثنا صحي أكثر منه اجتماعي وإن كانت هذه المعلومات العلمية مفيدة، ولكن لكيلا يخرج الحديث عن مقره دعونا نذكر بعض الأحاديث الشريفة، عسى أن نوفق لكف هكذا نوع من الأذى، عن جيراننا أو مجتمعنا خصوصاً وأنّ بعض الشباب اليوم يغير جهاز كاتم الصوت (الصالنصة) لدراجته أو سيارته لتحدث صوتاً عالياً أو يقوم البعض برفع صوت مذياع سيارته، أو الضغط على منبه السيارة بشكل غريب ومثير للسخرية والعجب في آن واحد بحجة زفاف صديقه أو قريبه.
ناهيك عن التعدي على حقوق الآخرين في قطع السير أو إرباك حركة المرور دون الاعتبار لوجود مريض أو كبير أو حالة طارئة تتطلب العجلة والإسراع. وعن هكذا أمر يقول نبينا الأكرم(صلى الله عليه وآله): «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» (ميزان الحكمة: ج10/ص498).
أمّا عن حق الجيرة فيقول(صلى الله عليه وآله): «من آذى جاره حرّم الله عليه ريح الجنّة ومأواه جهنّم وبئس المصير، ومن ضيّع حقّ جاره فليس منّا، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه» (مستدرك سفينة النجاة: ج1/ص105).