Search
Close this search box.

ضرورة الحكومة الإلهية ٢

ضرورة الحكومة الإلهية ٢

   إنّ من الواضح الذي لا خلاف فيه ، أنّ الإنسان اجتماعي بالطبع . وأنّ هذا الطبع الاجتماعي وهذه الحياة الاجتماعية تستلزمان تزاحماً وتعارضاً بين مصالح أبناء المجتمع حاصلين من تقديم كل فرد من أفراده مصلحته علی مصالح الآخرين ، لذا اقتضت الضرورة وضع قوانين وحدود تحدّ من ذلك التزاحم.

    يقول العلّامة الطباطبائي في تفسير “الميزان” :

   (وهذا بخلاف الإنسان الواقع في ظرف الاجتماع وساحته فإنّه لو كان مطلق العنان في إرادته وأعماله لأدّى ذلك إلى التمانع والتزاحم الذي فيه فساد العيش وهلاك النوع وقد بيّنا ذلك في مباحث النبوة السابقة بأوفى بيان وهذا هو السبب الوحيد الذي يدعو إلى حكومة القانون الجاري في المجتمع).

   وبما أنّ الإنسان ذو أبعاد مختلفة ماديّة ومعنوية . فلابدّ لواضع القوانين مراعاتها . بأن يكون عالماً بها . حتى تحيط قوانينه بكل تلك الأبعاد . لذا اقتضت الضرورة أن يكون القانون إلهيّاً ، باعتبار أنّ الله سبحانه أعرف بخلقه من غيره ، وأعرف بما يحتاجون إليه من أجل إيصالهم إلى الكمال .

   وبما أنّ القوانين هي أمور نظرية وغير قادرة لوحدها على إدارة المجتمع . لذا صار من الضروري وجود من يجري هذه القوانين في المجتمع بحيث يكون أمره نافذاً فيه . وتكون له القدرة على إجرائها كذلك .

   ويضيف العلّامة الطباطبائي في نفس المصدر وفي تفسیر الآية الكريمة :

   (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)  ضمن بحث اجتماعي مفصّل:

   (لكن الإسلام لمّا كان يرى أنّ الحياة الإنسانية أوسع مداراً من الحياة الدنيا المادية بل في مدار حياته الحياة الأخروية التي هي الحياة . ويری أنّ هذه الحياة لا تنفع فيها إلّا المعارف الإلهية التي تنحل بجملتها إلى التوحيد … إلى أن قال : ثم وضع القانون الذي وضعه على أساس التوحيد . ولم يكتف فيه على تعديل الإرادات والأفعال فقط . بل تمّمه بالعبادات وأضاف إليها المعارف الحقة والأخلاق الفاضلة . ثم جعل ضمان إجرائها في عُهدة الحكومة الإسلامية أولاً ، ثم في عهدة المجتمع ثانياً . وذلك بالتربية الصالحة علماً وعملاً والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

  ولمـّا كان القانون إلهياً اقتضت الضرورة أيضاً أن يكون الحاكم محيطاً به ، فهو إمّا صاحب الشريعة أو خلفاؤه (ع) أو من ينوب عنهم .

   يقول الشهيد الأول في كتاب “القواعد والفوائد” :

   (وذلك لأنّ الاجتماع من ضروريات المكلّفين ، وهو مظنّة النزاع ، فلابدّ من حاسم لذلك وهو الشريعة ، ولابدّ لها من سائس وهو الإمام ونوابه).

وللحديث صلة ..

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل