التخلق بالأخلاق الإلهية يعني عدم رفض الناس/ آية الله مجتبى طهراني

نشرت وكالة أنباء حوزه أن المرحوم آية الله مجتبي الطهراني، في أحد دروسه الأخلاقية، تناول موضوع الهداية الإلهية وعناية الله بعباده، فقال:

كل هذه الأمور، عند التأمل فيها، تكشف عن معنى واحد جلي: أن الله سبحانه وتعالى يريد أن تبقى العلاقة بينه وبين عبده محفوظة، وأن لا تنقطع أبداً تحت أي ظرف.

فإن وقع من العبد خطأ عملي، أو أصابته غفلة في الفهم، أو شابت إدراكه جهل أو قصور، فإن كل ذلك لا ينبغي أن يكون عائقًا أمام استمرار هذه العلاقة المقدسة.

فعظمة الله وكمال قدره يقتضي ألا يدع هذه الصلة تنقطع، ولهذا أيضًا يُوجّه رسوله صلى الله عليه وآله: أنت موجود لتكون قدوة للخلق، فتعامَل مع عبادي بالأسلوب الذي يليق بالكمال الإلهي، وتصرف كما يتصرف الله مع عباده، فاعمل بما يليق بالصفة الإلهية، وكن في كل قول وفعل وسلوك نموذجًا للهداية الإلهية.

يعني عليك أن تساعد الآخرين، وألا تردّ أحدًا عنك، فهذا أسلوبي ومنهجي.

أي أن هذا الأسلوب هو الأسلوب الإلهي، وينبغي للمؤمن أن يحافظ عليه في آداب معاشرته. في آداب المعاشرة، لا وجود للطرد بمعناه الحقيقي في الإسلام؛ فالفصل والنفي نادر الحدوث، وما هو موجود هو المساعدة والنصرة.

وإذا كان الخطأ داخليًا، ونتيجة ضعف الانفتاح النفسي أو القصور في الاستعداد الداخلي، فلا بد من التسامح أيضًا، لكي يُؤتى بالناس إلى طريق الهداية والصراط المستقيم.

ونستمد هذا المعنى من هذه الآية المباركة، ومن دعائنا وأدعيتنا، ومن سلوك أئمتنا عليهم السلام، فقد كان كل أسلوبهم وسلوكهم قائماً على هذا المبدأ العظيم.

انظروا، أمثال هذا موجودة كثيرًا في التاريخ. فرغم كل ما وقع من ظلم وإساءة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، هل رأيتموه يلعن أحدًا مرة واحدة؟

الأنبياء الآخرون جاءوا وَلعنوا أممهم، أما النبي صلى الله عليه وآله فلم يَلْعَن أبدًا، رغم كل تلك الإساءات والمعاناة التي تعرّض لها. وضعوا الرماد على رأسه، وضربوه بالحجارة على جبينه، ومع ذلك ظل يقول:

«مَا أُوذِيَ نَبِيُّ مِثْلَ مَا أُوذِيتُ» (بحار الأنوار، ج ٣٩، ص ٥٦)، ولم يَلْعَن مرة واحدة.

كان يقول دائمًا: اللهم اهدِ هؤلاء، جامعًا بين الرحمة الإلهية والصبر النبوي، متجليًا في ذلك كصورة حيّة لصفات الله الكاملة.

ولذلك نقرأ في الروايات أنه يوم القيامة، رغم كل الإساءات التي تعرّض لها من أمته، سيقول النبي صلى الله عليه وآله: “واأمتي”، متجاوزًا عن الخطايا، مع إحاطته بالعدل الإلهي.

أليس هذا هو أدب الله له بأفضل صورة؟ فقد قال تعالى:
«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (سورة الأعراف، آية 199).

وهذا بالضبط ما فعله النبي صلى الله عليه وآله، وهذه كانت سعيه وجهده في تعامله مع الناس، جامعًا بين الصبر، والرحمة، والهداية، والأسوة الحسنة التي تُعلمنا كيف يكون المؤمن مثاليًا في كل قول وفعل وسلوك.

ترجمة مركز الإسلام الأصيل

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل