هناك عدة تصرفات وسلوكيات نحن نعملها أمام أطفالنا فنربيهم على النفاق ونحن لا نشعر، فعندما يعطي الوالد وعداً لابنه ولا يلتزم بوعده ففي هذه الحالة فإنه يربي الابن على عدم الوفاء بالوعد وهي من صفات المنافقين.
وإذا كان أحد الوالدين مدخن وأراد أحد الأبناء أن يجرب التدخين يقول له والده إن هذا خطأ وهو مضر لصحتك، ففي هذه الحالة نحن نربي الابن على النفاق، لأنه يرى نفس التصرف ممنوع عليه ومسموح لوالده. وهناك أمثلة كثيرة تدل على التناقض في المواقف بين ما ننصح به الأبناء وما نمارسه كسلوك بالحياة.
والمثال الثالث كأن يسمع الطفل إجابة أمه لصديقتها عبر الهاتف وهو يعلم أن أجابتها غير صحيحة وخلاف الحقيقة فيتربى على الكذب والنفاق، أما المثال الرابع فقد حدثني أحد الأصدقاء قائلاً إنه يعرف امرأة تشتري فستانا من محل يسمح برد البضائع خلال يومين ويرد الثمن فتستغل المرأة هذه السياسة بأن تأخذ فستانا وتلبسه في مناسبة اجتماعية، ثم تردّه على المحل وتقول له لم يناسبني هذا الفستان وتسترجع ما دفعته ويكون ذلك أمام ابنتها فهذه كذلك تربية على النفاق.
والمثال الخامس متعلق بالسفر كأن تتحجب المرأة في بلدها وبين أهلها وإذا سافرت نزعت حجابها قبل اقلاع طائرتها أمام أبنائها فهذه كذلك تربية على النفاق، والمثال السادس في حالة لو ظهرت لقطة مخلة للأدب فإن الأب يغير القناة بسرعة ويغضب على أبنائه بينما يجد أبناؤه في هاتفه كثير من الصور والفيديوهات المخلة للأدب فهذه أيضا تربية على النفاق، والمثال السابع أن يشاهد الطفل والده أو والدته تصلى وتصوم برمضان وإذا انتهى شهر رمضان فلا يحرصان على الصلاة والصيام فهذه أيضا تربية على النفاق، والمثال الثامن يحدث مع الطفل الصغير إذا شتم أمام أهله فإنهم يضحكون له وإذا شتم الضيف أو الزائر يغضبون عليه، ويقولون له عيب وهذه قلة أدب فيعيش في تناقض سلوكي لا يفهمه وهذه أيضا تربية على النفاق، والمثال التاسع يحصل مع الأمهات كثيرا، فالأم تساعد ابنها أو ابنتها بأن تكتب عنهما الواجب المدرسي وتقول لهما إذا سألك المعلم فقل له أنك أنت الذي عملت الواجب فهذه تربية على النفاق، والمثال العاشر أن يسافر الوالدين ويتغيب الطفل عن المدرسة ثم يحضرون تقريرا طبيا يفيد بأن الابن مريض، بينما الحقيقة هو كان مسافرا سفرة ترفيه وسياحة فهذه تربية على النفاق، والمثال الحادي عشر كأن نغرس بالطفل احترام الوالدين وبرهم وطاعتهم ثم يرى الأم أو الأب عندما يتحدث مع والديه لا يحترمهم أو أنه يتكلم عنهم من ورائهم أو يختصر مكالماتهم وينتقد تصرفاتهم.
فهذه بعض الأمثلة التي جمعتها والأمثلة كثيرة في التربية المتناقضة، فالطفل يرتبك وتختلط مفاهيمه عندما يرانا نأمر بشيء أو نتصرف بشيء وننصحه بشيء آخر،
ومختصر هذا كله (القدوة الحسنة) فلو ركز الوالدين على (القدوة الحسنة) فإنهم يضمنون عدم تربية ابنهم على النفاق والتناقض، فلا بد أن نكون صادقين مع أبنائنا ونكون أوفياء إذا وعدناهم ونحترم كلامنا وقراراتنا،
وإذا أخطأنا نعتذر حتى يعرف أبناءنا أن هذا خطأ طارئ وليس سلوك دائم في شخصيتنا، وهناك الكثير من صفات المنافقين علينا تعريف أبنائنا بها حتى يتجنبوها ويكونوا من الصادقين.