لطالما رجوت أن لا يتعامل الزوجان في المنزل بالقانون، بل أن يجعلا الحكم في المنزل هو المحبّة، والرفق، والرحمة، والعطف.
* لا للقرارات الاعتباطيّة
إذا ما أراد الرجل تطبيق القوانين بشكلٍ جافّ ومملّ على مَن هم في داره، تبعثرت الأسرة، وشُلَّ كيانها.
إنّ للرجل أن يمنع زوجته من الخروج إلى خارج الدار، وهذا من حقّه في الإسلام، ولكن لا ينبغي أن يتصرّف بهذا الحقّ بشكلٍ اعتباطيّ وطفوليّ، فإذا ما أرادت الذهاب -مثلاً- إلى بيت جارتها، وقف أمامها وقال: “إنّ الإسلام يقول بعدم خروجك إلّا بإذن منّي، وها أنا أمنعك من الذهاب إلى بيت جارتنا”، وكذا يفعل حينما تريد الذهاب إلى منزل أبيها أو أخيها.
أيّها السيّد، إذا منعتَها من الذهاب إلى بيت أبيها أو جارتها، أو ما شابه، فأين تذهب إذاً؟ هل يجب عليها أن تعيش بين أربعة جدران؟ وهل هذا الحقّ مختصّ بك فقط؟
إنّك إذا تصرّفت بهذا الشكل الذي ذكرناه، قد تدفعها بمنعك المتكرّر والاعتباطيّ إلى مخالفة إذنك، وبالتالي تنتهك الحكم الشرعيّ؛ بسبب تشدّدك أنت.
* برفقٍ ومحبّة
هل يمكن منع الزوجة بجدّيّة القانون، أو صرفها عما تريد فعله بإجراء القوانين بحذافيرها؟
كلا، بل يمكن منعها بوسائل أخرى أعمق تأثيراً، وألطف؛ مثل الرفق، والمحبّة، والعطف، بدل الإصرار على جعل القانون هو الحكم العدل بينكما. كذلك نرى بعض الزوجات تعلن: “إنّ حقّي في المسألة الفلانيّة كذا”، و”هكذا قال القرآن الكريم”، و”كذا قال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام”. نعم أيّتها السيّدة، أيّها السيّد، إنّ القرآن الكريم لا يريد تنفيذ أحكامه من دون ودّ، وحبّ، وصفاء: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90).
* لا للإفراط والتفريط
إنّ التلطّف في الحديث إلى المرأة، وإظهار المحبّة والودّ لها يجعلها مطيعة، هنيّة، وعلى العكس، فإنّ التشدّد معها وإلزامها بالقانون، يجعل منها إنسانة رافضة لكلّ ما اسمه قانون، أو لكلّ شيء يمكن أن ينضوي تحت اسم القانون.
أطلب من الرجال والنساء على السواء أن لا يتشدّدوا كثيراً في تطبيق القانون في محيط الأسرة، فالعفاف جيّد، ولكنّ التزمّت ممقوت ومكروه، كونه يبعث على تعقيد البنت أو الزوجة. وكذلك السؤال الكثير والإلحاح في تبيان أسباب تأخّر ابنك الشابّ عن المنزل أو ما أشبه ذلك، يؤدّي إلى أن يمقت وجودك؛ فلا تكن مُفرِطاً ولا مفرّطاً.
قال أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ عليه السلام: “لا يُرى الجاهل إلّا مُفْرِطاً أو مُفَرّطاً”(1).
* أحسنوا استخدام القانون
أمّا الطلب الآخر الذي أرجوه من السيّدات والسادة فهو: لا تسيئوا استخدام القانون، واعلموا أنّ ذلك غير صحيح. وفي هذا السياق، نورد مثلاً: دخلت إحداهنّ إلى الجامعة، أو تعلّمت ثلاثة أو أربعة مصطلحات بعد دخولها إلى الحوزة العلميّة، وما إن أصابها الغرور بتعلّمها النسبيّ ذاك، حتّى ارتأت أن تسيء استخدام القانون ضدّ زوجها المسكين، فتبدأ بالقول مخاطبةً إيّاه: “اعلم، أنّ الشرع لا يجيز لك أن تُكرهني على العمل داخل المنزل، وأنا اليوم غير تلك التي عرفتها بالأمس”!
إنّها تريد استغلال الزوج المسكين كونها دخلت إلى الجامعة أو الحوزة، مستفيدةً من الحقّ في عمل غير الحقّ. إنّها تُسيء استعمال القانون بحيلة شرعيّة.
* لا لهدم بنيان المنزل
إنّنا نقول: أيّتها السيّدة، في هذه الحالة تريدين بعثرة منزلك وهدمه من الأساس.
وأنت أيّها السيّد، إنّك إنسان متزمِّت ومتعصِّب، وإنّك ومن هو مثلك يصلون بزوجاتهم في بعض الأحيان إلى طرق وعرة؛ ممّا يبعث على انحرافهنّ عن جادّة الصواب.
(*) مستفاد من كتاب: الأخلاق البيتيّة، الفصل التاسع.
(1) عيون الحكم والمواعظ، الليثيّ الواسطي، ص 539.