وهو ما ورد في خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: “وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم”1.
والصدقة من أهمّ المستحبّات الدينية التي حثّ الإسلام عباد الله عليها مؤكّداً على دورها الكبير في توطيد الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع, لأنها عطيّة يخرجها الإنسان من ماله على نحو التبرّع ولا يريد بها المثوبة من الله تعالى، قال تعالى:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَ﴾2.
فالصدقة في المفهوم الدينيّ وفي نيّة المتصدّق لا ينبغي أن تكون من باب قضاء حاجة المحتاج وإنما بنية تطهير المال وتزكيته، ولذلك كان بعض العرفاء يقول إنك عندما تعطي مالاً لفقير ففي الواقع والحقيقة فإنّ الفقير هو الذي يمنحك فرصة زكاة مالك وتطهيره، وبالتالي فهو له المنّة عليك، ولذلك كانت المنّة على الفقير من المتصدق مبطلةً لعمله, لأنّ ذلك خلاف الصورة الحقيقيّة التي أرادها الإسلام، وهذا معنى قول الإمام الصادق عليه السلام لأحدهم عندما شاهده يعطي مالاً لفقير فقال له: “أنت أحوج لمالك في آخرتك من السائل إليه في دنياه”.
والصدقة في شهر رمضان من الأمور التي ينبغي مراقبتها جيداً، هل تصدّقت؟ بماذا تصدّقت؟ ولماذا؟ وكيف شعرت بعد التصدّق؟ وهل كانت نيتي خالصة لوجه الله تعالى؟ هل تحسّن أدائي للصدقة خلال الشهر الكريم؟ هل كانت في السرّ أم في العلن؟…..
تقديم الأرحام بالصدقة: وإذا كان للصدقة كلّ هذه المفاعيل الاجتماعية فإنه من الطبيعيّ أن تنطلق الصدقة في الدائرة الاجتماعية الأقرب فالأقرب، ومن الطبيعي أنّ توطيد هذه العلاقات مع ذوي الأرحام، ولو سار الجميع على هذا المنهج لارتفع الفقر منالمجتمع بعطاءات الصدقات وحدها بدون سواها، وهذا ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: “لاصدقة وذو رحم محتاج”3.
فعليه فليراقب كلٌّ منّا صدقته، وليطفىء غضب الربّ بها، وليدفع البلاء بها، وليتوسّم الاستظلال بها يوم لا ظلَّ إلا ظلُّ العمل الصالح.
1- الأمالي، ص 154.
2- سورة التوبة، الآية 103.
3- ميزان الحكمة، ج2، ص1599.