Search
Close this search box.

مدخلية طلب العلم في تحقق الطاعة لله عز وجل

مدخلية طلب العلم في تحقق الطاعة لله عز وجل

طاعة الله عز وجل لا تتحقق إلا بمعرفة أوامره ونواهيه ومن ثم العمل على تطبيقها. فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: “وجدت عِلْمَ النّاس كلَّهُ في أربَعٍ: أولها أن تعرف ربّك، والثّاني أن تعرف ما صنع بك، والثّالث أن تعرف ما أراد منك، والرّابع أن تعرف ما يخرِجُكَ من دينك([1])”.


فمن يرد طاعة الله عليه أولاً أن يعرف ما يريده منه. ومعرفة ما يريده تتحقق بالرجوع إلى أحكامه وقوانينه، وأوامره ونواهيه المتمثّلة بشريعته، فيلتزم بها ويقوم بتطبيقها حتى تسري هذه الشريعة في كل تفاصيل حياته، فتصبح حياته عامرةً بطاعات الله وقرباته، فلا يغفل عنها طرفة عينٍ أبداً، فيستحق عندها أن يكون من “المتقين”، وهم قومٌ اشتدت طاعتهم لله وحذرهم من مخالفة أوامره إلى الحد الذي باتت حياتهم كلها عبادة، فغدوا محبوبين عند الحق، ومن أوليائه المقرّبين: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾([2])، ﴿إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ﴾([3]). وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس”([4]). وفي الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى: “ما تحبب إليّ عبدي بأحب مما افترضت عليه”([5]).
 

من هنا أيضاً تبرز أهمية طلب العلم كوسيلةٍ مهمة لمعرفة أحكام الله، وفرصةٍ شريفة للتفكّر في آياته أيضاً.

فالإسلام يمثّل مجموعةً كبيرةً من التعاليم التي تفسّر لنا هذا الوجود وظواهره، وتجيب عن الأسئلة المصيرية التي تقلق الإنسان وتتعلّق بمصيره، ويتضمّن أيضاً مجموعةً كبيرة من الأحكام الشرعية التي تدلّه على كيفية العمل والتصرف في كل شأنٍ من شؤون حياته سواء مع الحق أم مع الخلق. لذا كان طلب العلم واجباً على كل مسلم ومسلمة كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم. ألا إن الله يحبّ بغاة العلم”([6])، لأنه لا يمكن أن تصحّ عبادةٌ وطاعة من دون معرفة، والمعرفة لا تتحقّق إلا بطلب العلم. عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: “نُصِبَ الحق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم”([7]). فطلب العلم هو السبيل الوحيد للتعرف إلى أحكام الحق الشرعية، ومقدمةٌ لتحصيل الواجبات وترك المحرمات، وفي نفس الوقت بابٌ مهمٌّ جداً للتفكر في آياته الآفاقية والأنفسية. وهذه المعرفة هي المدخلية الصالحة التي تخوّل الإنسان الدخول في سلك المطيعين والعابدين والمتفكرين، وبالتالي الارتباط الحقيقي بالله سبحانه وتعالى.
  
درب الهداية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) أصول الكافي، ج1،ص50.
([2]) آل عمران، 76.
([3]) الأنفال، 34.
([4]) أصول الكافي، ج2، ص 109، ح4.
([5]) م.ن، ح5.
([6]) م.ن، ج 1، ص 30.
([7]) م.ن، ص 17.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل