لا يمكن تصوّر أيّ حركة فاعلة وحيويّة من دون الثقة بالنفس، وبما أنّ تشكيل الحكومة من أصعب الأعمال البشريّة، فإنّ دور الثقة بالنفس يظهر بوضوح في تشكيل وتأسيس هذه الحكومة.
ويمكن إدراك وفهم تأكيد الإمام على عوامل الثقة بالنفس والاعتماد عليها والإيمان بالقدرات الذاتية عندما ندرك أنّ الإمام كان قائداً لشعب بقي لقرون محلّ استخفاف من قبل الأجانب. فقد أراد هذا القائد العظيم وبمساعدة الشعب تأسيس حكومة دينيّة نموذجيّة في العالم المعاصر.
يقول الإمام مخاطباً الشعب الإيرانيّ ومسلمي العالم: “اعلموا أنّ العنصر الآريّ أو العربيّ لا يقلّ عن العنصر الأوروبيّ والأمريكيّ والروسيّ. وإذا وجد هويّته الذاتيّة وأبعد اليأس عنه ولم يكن له مطمع بغير نفسه… فإنّه قادر على المدى البعيد على كلّ فعل وصناعة كلّ شيء.. وما وصل إليه الناس المشابهون لهؤلاء فأنتم ستصلون إليه بشرط الاتّكال على الله والاعتماد على النفس وقطع التبعيّة للآخرين وتحمّل الصعوبات من أجل الوصول إلى الحياة الشريفة والخروج من سلطة الأجانب”([1]).
طبعاً لا يمكن لأمّة أن تعود بسهولة إلى ثقتها بنفسها وبالأخصّ تلك الأمّة الّتي عاشت في السنوات المائة الأخيرة، وعلى أثر تدخّل القوى الاستعماريّة والتلوّث بمختلف آثام التبعية وكانت تتطلّع دائماً في رفع احتياجاتها (من جملة ذلك الموادّ الأوليّة والغذائيّة) إلى خارج الحدود وبالتالي الخضوع والخنوع والإذلال. وهذا أدّى بدوره إلى فقدان الثقة بالنفس. وقطع التبعية للأجانب، أن تقوم بتحمّل الصعاب، والأهمّ من ذلك الاتّكال على الله تعالى وبالتالي إعادة الثقة بالنفس.
وذَكر الإمام في وصيّته الّتي كُتبت في أجواء الحرب الّتي كانت تعيشها الجمهورية الإسلاميّة نموذجَ لقضيّة الاعتماد على النفس فقال: “رأينا كيف أنّ الحصار الاقتصاديّ والحرب المفروضة جعلت شبابنا يصنعون القطع الّتي دعت الحاجة إليها وبكلفة أقلّ… وأثبتوا أنّنا إذا أردنا فإنّنا قادرون”([2]).
وأكّد الإمام على الشروط الضروريّة واللازمة للحصول على الثقة بالنفس، ومن أهمّ ذلك الإرادة والغفلة عن الأجانب.
تأملات في الفكر السياسي للإمام الخميني (قدس سره)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الإمام الخمينيّ، الوصيّة الإلهيّة السياسيّة، ص 43.
([2]) م. ن، ص 42.