بحسب ما أفادت وكالة أنباء الحوزة، فإنّ طرح الأسئلة الطفولية حول الله تعالى يقتضي ـ قبل أيّ جواب ـ تهيئة فضاءٍ للفهم والحوار. وهذه الأسئلة مأخوذة من كتاب «معرفة الله القرآنية للأطفال» من تأليف حجّة الإسلام غلامرضا حيدري أبَهَري، وهي بأسلوبها البسيط والعميق في آنٍ واحد، تفتح أمام الأطفال طريقًا واضحًا للتفكّر في الله سبحانه.
منذ متى وُجد الله؟
أحيانًا يسأل الأطفال:
يقولون إنّ الله موجود منذ الأوّل… حسنًا، ما معنى هذا «الأوّل»؟ متى كان؟ هل هو يوم معيّن؟ يوم أربعاء مثلًا؟ سنة محدّدة؟
لا يا عزيزي، الأمر ليس كذلك أصلًا. فعندما نقول إنّ الله موجود منذ الأوّل، لا نعني يومًا معيّنًا أو تاريخًا مدوّنًا في التقويم. لأنّه لو قلنا إنّ الله كان موجودًا منذ يومٍ محدّد، فسيبرز فورًا سؤالٌ مهم: فماذا كان قبل ذلك اليوم؟ وهل يعني هذا أنّ الله لم يكن موجودًا آنذاك؟
ولهذا سأل رجلٌ الإمامَ الباقر (عليه السلام): منذ متى كان الله موجودًا؟ فأجابه الإمام (عليه السلام): أخبرني أنت متى لم يكن حتى أخبرك متى كان.¹
بهذا الجواب أراد الإمام أن يبيّن:
أنّ الله كان دائمًا موجودًا؛ لا أنّه لم يكن في زمنٍ ما ثم وُجد بعد ذلك.
لأنّ الشيء الذي لا يكون موجودًا في وقتٍ ما ثم يوجد بعده، يكون مخلوقًا، لا إلهًا.
يا بنيّ، تعال نقرّب الفكرة بمثالٍ بسيط.
عندما نقول إنّ المؤمنين يبقون في الجنّة إلى الأبد،
هل نعني إلى يوم الجمعة من سنة كذا؟
طبعًا لا.
«إلى الأبد» تعني بلا نهاية، لا بتاريخٍ محدّد.
وهكذا تمامًا حين نقول إنّ الله موجود منذ الأوّل.
فـ«الأوّل» يعني قبل كلّ شيء، لا يومًا معيّنًا ولا ساعةً محدّدة.
الثانية، والدقيقة، والساعة، واليوم، والسنة…
كلّها أشياء تتعلّق بالمخلوقات التي خلقها الله.
وكلّ مخلوق له «بداية»، مثل الولادة.
أمّا الله، فلم يُخلَق،
ولذلك لا ولادة له، ولا تاريخ بداية.
ولو قلنا إنّ الله لم يكن موجودًا في وقتٍ ما ثم وُجد بعده،
لكان معنى ذلك أنّنا قبلنا أنّ الله ـ والعياذ بالله ـ مثل سائر الأشياء المخلوقة؛
والإله الذي يُخلَق، لا يكون إلهًا.
ولهذا يقول القرآن الكريم في سورة الحديد: «هُوَ الْأَوَّلُ».
أي مهما تصوّرتَ شيئًا هو أوّل ما في الدنيا،
فاعلم أنّ الله كان موجودًا قبله.
إذًا، حين نقول إنّ الله موجود منذ الأوّل،
فمعناه أنّه كان دائمًا، وهو كائن، وسيبقى دائمًا؛
بلا بداية، وبلا نهاية.
*ترجمة مركز الإسلام الأصيل